للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما. وُجِّهت المسألةُ به، وقياسُ كوْنِها عصبةً بالجَدِّ أن تُسقطَ، وإن رجَع الجَدِّ إلى الفَرْض، ألا ترَى أنا نقول: في بنتَيْنِ، وأُمٍّ، وجَدٍّ، وأختٍ: للبنتَيْنِ الثلُثَانِ، وللأم السدُسُ، وللجَدِّ السدسُ، وتَسْقُطُ الأخت؛ لأنها عصبةٌ مع البنات، ومعلومٌ أنَّ البناتِ لا يأْخُذْنَ إلا الفَرْضَ؛ يؤيِّده أن قبيصةَ بن ذُؤَيْبٍ يُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ قَضَاءَ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- في الْأَكْدَرِيَّةِ بِمَا اشْتَهِرَ عَنْهُ (١).

وأجيب عن هذه الرواية بإسْقَاطها. وقد مَرَّ أنَّ الشافعيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يأخُذُ بقول زَيْدٍ في الفرائِضِ، وأنَّه اختلَفَ قولُهُ حيْثُ اختلفَتِ الروايةُ عن زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فقضيَّتُهُ تخريجُ قَوْلٍ للشافعيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وإنْ لم يُنْقَلْ، وإن كان بدل الأخت أخ، سقطَ لا محالَةَ؛ إذ لا فَرْضَ للإخْوَةِ، ولو كانت أختان، فللزَّوْجِ النصفُ، وللأمِّ السدسُ، وللجَدِّ السدسُ، والباقي لهما، ولا فَرْضَ ولا عَوْلَ.

ولمَ سُمِّيَتِ الْأَكْدَرِيَّةَ؟

فيه أربعة أوْجُهٍ:

قيل: إنَّ امرأةً مِنْ أَكْدَرَ ماتَتْ وخلَّفتهم، فنسبت إليْها.

وقيل: لأنَّ عَبدَ الملكِ بْنِ مَرْوَانَ سَألَ رجُلاً من أكْدَرَ عَنْهَا.

وقيل: لتَكَدُّر أصْل زَيْدِ فيها، فإنَّه لا يفرض للأخواتِ مع الجَدِّ، وقد فَرَضَ هاهنا، ولا يُعيلُ في الجد والأخوة، وقد أعال هاهنا.

وقيل: لتكدُّرِ أقوال الصَّحَابة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- وكثرة خلافهم فيها.

فأبو بَكْرِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُسْقِطُ الأخْتَ، وعنْد عُمَرَ وابْنِ مسْعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: للأم السدسُ، والباقي كما ذكَرْنا، فيكونُ العول إلى ثمانيةٍ، وعنْد عليٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يفرض وتَعال كما ذكرناه، لكن تقرّر نصيبُ الأخْتِ عليها، ولك أن تقُولَ إذا عصَّبْنا الأخواتِ بالجَدِّ، فَمِنْ حقِّنا أن نُلْحِقَ عصوبتهن بالجَدِّ لعصوبتهن بالبنْتِ وبنْتِ الابْنِ، فإنَّها من أنواع العُصُوبة بالغَيْر، وإن لم يَذْكرُوها في جملتها.

قال الغَزَالِيُّ: هَذَا حُكْمُ العَصَبَاتِ (أَمَّا سَائِرُ الوَرَثَةِ) فَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ لاَ يُحْجَبَانِ كَالَأَبِ وَالْأُمِّ وَالابْنِ وَالبِنْتِ، لأَنْهُمْ يُدْلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، أمَّا الجَدُّ فَلاَ يَحْجُبُهُ إِلاَّ الأَبُ،


(١) قال الحافظ: بوب عليه البيهقي، وأورد أقوال الصحابة فيها، وأخرج ابن عبد البر من طريق تقي ابن مخلد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا وكيع عن سفيان قلت للأعمش: لم سميت الأكدرية؟ قال: طرحها عبد الملك على رجل يقال له الأكدر، كان ينظر في الفرائض، فأخطأ. فيها، قال وكيع: وكنا نسمع قبل ذلك أن قول زيد بن ثابت تكدر فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>