للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَمْلِ فُلانَةٍ، وَلَوِ اقْتَضَى الحَالُ ثُبُوتَ النَّسَبِ من زَيدٍ، لكنَّه نَفَاهُ باللّعَانِ، فَعَنِ ابنِ سُرَيْجٍ وعامَّةِ الأصْحَابِ: أنَّهُ لا شَيْءَ له؛ لأنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسبهُ.

وعن أبِي إسْحَاقَ واخْتَارَهُ الأُسْتَاذُ أبو مَنْصورٍ: أنَّهُ يستحق؛ لأنَّه كانَ النَّسَبُ ثَابتاً إلاَّ أنَّه انْقَطعَ باللِّعانِ، واللَّعانُ إِنَّما يُؤثِّرُ في حقِّ الزَّوجَيْنِ.

وَهَذا الخِلاَفُ كَالْخِلاَفِ في أنَّ التَّوْءَمَيْنِ المُعَيَّنَيْنِ باللِّعانِ يَتَوَارثَانِ بإخْوَةِ الأُمِّ [وحْدَهَا]، أوْ بِإِخْوَةِ الأَبَوَيْنِ، لَكنَّ الحِكَايَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُنَاكَ: أنَّهُمَا لاَ يَتَوَارَثَانِ، إلاَّ بإِخْوَةِ الأُمِّ وذلِكَ لاَ يُلاَئِمُ قَولَه هَاهُنَا، وَيَجْرِي الْخِلاَفُ فِيما إذا أَوْصَى لِحَمْل جَاريةٍ مِنْ سيِّدِهَا، فادَّعَى السَّيِّدُ الاسْتِبْراءَ، وَرَأْيْنَا نافياً للنَّسَبِ.

والشَّرْطُ الثَّانِي: أنْ يَنْفَصِلَ حَيًّاً، أمَّا إذاً انْفَصَلَ مَيِّتَاً، فَلاَ شَيْءٌ: لَهُ، وإن انفصل بِجِنَايةِ جَانٍ، وَأَوْجَبَنَا الْغُرَّةَ، لِمَا مرَّ في الميراثِ.

فَرْعَانِ أحدُهُمَا: أتتِ بوَلَدَيْنِ بينَهُمَا أقلُّ مِن ستَّةِ أشهرٍ [وبين الوصية والأول أقل من ستة أشهر] (١) صحَّتِ الوصيَّةُ لَهُمَا -وإنْ زادَ ما بينَ الثَّانِي والوصيَّةِ على سِتَّةِ أشهُرٍ، وكانتِ المرأةُ فِرَاشاً؛ لأنَّهما حَمْلٌ واحِدٌ. والثَّاني يَقْبَلُ الوصيَّةَ للحَمْلِ مَنْ يَلِي أمْرَهُ بعد خُرُوجِهِ حيًّا، وإنْ قَبِلَها قَبْلَ انفِصَالِهِ، ثُمَّ انفصلَ حيًّا، فعنِ القَفَّال: أنَّه لا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ القَوْلِ.

وقالَ غيرُه: فيه قَولاَنِ، كَمَا لَوْ باعَ مالَ أَبيهِ على ظَنِّ أنَّه حيٌّ، فَبَانَ أنَّهُ ميِّتٌ (٢).

هَذَا إذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ لِحَمْلِهَا، أو لحملها الموجُودِ، أمَّا إذا صرَّحَ؛ فَقَالَ: لِحَمْلِها الَّذِي سَيَحْدُثُ، ويكونُ مِن بَعْدُ، فَوَجْهَانِ:

أَظهَرُهُمَا: عَنْدَ أكثرِ الأصْحَابِ: بُطْلانُ الوصيةِ؛ لأنَّها تَمْلِيكٌ (٣)؛ وتمليكُ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مُمْتَنِعٌ، ولأنَّه متعلَّق للعَقْدِ في الحَالِ، فأشْبَهَ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ سُيُبْنَى.

والثَّاني: وبهِ قَالَ أبو إسحاق: أنَّها صحيحةٌ، كما يصحُّ بالحَمْلِ الَّذي سَيُوجَدُ،


(١) سقط في ز.
(٢) قضية كلام الشيخ أن الأكثرين على خلاف ما قاله القفال. قال في الخادم: وهو متابع في ذلك البغوي في التهذيب إلى آخر ما ذكره.
(٣) في ز: تمتلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>