للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصارتِ الوصيةُ لمن بعْضُه حرٌّ، وبعضُه رقيقٌ للوارث، وإن وَفَّى الثلث بأحد الأمرين من المُدَبَّر، أو المُوصَى له، كما إذا كان المُدَبَّر يساوِي مائة، والوصيَّةُ بمائَة، وله سواهما مائة، فوجهان (١):

أحدهما: تقدم رقبته، فيُعْتَقُ كلُّه، ولا شيْءَ له من الوصية.

والثاني: يُعْتَقُ نصفه، والوصية [وصية] (٢) لمن بعضه [حرٌّ] وبعضُهُ رقيقَ للوارث، وهذا أصحُّ عند صاحب "التهذيب" وبالأول أجاب الشيخ أبو عَلَيٍّ (٣).

القسم الثالث: إذا كان العبْدُ الوارث المُوصَى، بأن باعه قبل موت الموصي، فالوصيةُ للمُشْتَرِي، وإن أعتقه، فللمُعْتِقِ، إنِ استمر في ملكه، فهي وصيةٌ للوارث، وسيأتي حكمها إن شاء الله تعالى.

وكذلك لو أوصَى لعبْدٍ أجنبيٍّ، واشتراه وارثُهُ، ثم مات الموصي.

ولو أوصَى لمن نصفُه حرٌّ، ونصفه لوارثه، فإن إن لم تكنْ بينه وبين السيد مهايأة أو كانت بينها مهايأةِ، وقلنا: إنَّ الوصيَةَ لا تَدْخُل في المهايأة، فهي كالوصيَّةِ للوارث؛ لأنَّ ما يثبت له بالوصيَّة، يكون نصفه للوارث، ولهذا قُلْنا: إنَّه لا يَرِثُ: لأنه لو وَرِثَ شيئاً، لَمَلَكَ السيدُ نصْفَهُ، وهو أجنبيٌّ عن الميِّتِ.

قال الإمامُ: وكانَ يحتمل أن يعضَّ الوصية، كما لو أوصَى بأكثر من (٤) الثلث.

وإن جرَتْ بينهما مهايأة، وقلْنا: إنَّها تدخْلُ في المهايأة، فقد قدَّمنا أن العبرة بيوم المَوت عَلَى ظاهر المذهب، فيُنْظَرُ يوم موت الموصِي، إن مات في يوم العبد، فالوصيةُ صحيحة، وإلاَّ، فهي وصية لوارث، ولا فَرْقَ بين أن يكُونَ بينهما مهايأة يوم الوصية أو لا يكون، ثم يحدثانها قبل موت الموصي، [هكذا] قاله الشيخ أبو عليٍّ -رحمه الله-.

ولو أوْصَى لمكَاتَب وَارِثهِ، فإنْ عَتَقَ قبل موت المُوصِي، نفَذَتِ الوصيةُ، وكذا لو عتَقَ بعده بأداء النُّجُوم، وإن عجز، ورَقَّ، صارَتْ وصيته للوارث، والله أعلم.


(١) وما جزم به فيما إذا خرج بعضه من الثلث أن يعق منه بقدره خلاف ما عزاه في البحر للجمهور بأنه قال: لو خرج بعضه من الثلث دون جميعه صح من الوصية له بقدر ما عتق منه وبطل منها بقدر ما رق منه. هكذا ذكر في الحاوي وقال سائر أصحابنا: إذا رق بعضه بطلت الوصية، وقال في الكفاية، وعلى ذلك جرى البندنيجي.
(٢) سقط في: ب، ز.
(٣) قال النووي الأول أصح.
(٤) ما ذكره من التخريج قد حكاه ابن يونس في شرح التعجيز عن جده فقال: يحتمل أن يكون على الوجهين في الوقف عليهما. وأولى بالصحة لأن باب الوصية أوسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>