للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: العذر والضرورة وَاحِدٌ، وأراد به وقت الصبي يبلغ ومن في معناه.

وإذا عرفت ذلك فاعلم أن صاحب الكتاب جعل الفصل الأول في وقت الرفاهية، والثاني في وقت الضرورة، وسماها وقت العذر، كأنه وافق الفرقة الصائرة إلى أن المراد بالعذر والضرورة واحد.

فأما الفصل الأول فالأصل فيه ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ بَاب الْبَيْتِ مَرَّتَيْن فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَت الشَّمْسُ" (١)، وروي "حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرُ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدْر ظِلِّهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ بقَدرِ ظِلِّهِ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ لِلْقَدَرِ الأَوَّلِ لَمْ يُؤَخِرْهَا، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ ذهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الفَجْرَ حِينَ أَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَال يَا مُحَمَّدُ: هذَا وَقْتُ الْأنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ"، ويروى مثل ذلك عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وأبي هريرة وأبي موسى وجابر وأنس وغيرهم -رضي الله عنهم- (٢).

ولهذا الحديث بدأ الأئمة بصلاة الظهر.

[القول في وقت صلاة الظهر]

ووقتها يدخل بالزَّوَال، وبيانه: أن الشمس إذا طلعت وقع ظل كل شخص في جانب المغرب طويلاً، ثم ما دامت الشَّمس ترتفع فالظل ينقص حتى إذا بلغت كبد السماء وهي حالة الاستواء انتهى نقصانه، وقد لا يبقى له ظل أصلاً، وذلك في بعض البلاد "كمكة" و"صنعاء اليمن" في أطول أيام السنة، وإذا بقي فهو مختلف المقدار


(١) أخرجه الشافعي (١٢٧) أبو داود (٣٩٢) والترمذي (١٤٩) وأحمد في المسند (٣٠٨١ - ٣٠٨٢) والدارقطني (١/ ٢٥٨) وابن الجارود (١٤٩ - ١٥٠) والحاكم (١/ ١٩٣) والبيهقي في السنن (١/ ٣٦٤) وابن خزيمة (٣٢٥) قال الترمذي حسن وقال الحاكم: صحيح الإسناد وقال ابن عبد البر في تمهيده رواته كلهم معروفون بالنسب ومشهورون في العلم وصححه ابن خزيمة أيضاً انظر الخلاصة (١/ ٨٥).
(٢) أخرجه الدارقطني (١/ ٢٥٩) عن ابن عمر بإسناد حسن، لكن فيه عنعنه ابن إسحاق وعن أبي هريرة أخرجه النسائي (١/ ٢٤٩) والحاكم (١/ ١٩٤) وقال صحيح على شرط مسلم وعن أبي موسى أخرجه مسلم (٦١٤) وعن جابر -رضي الله عنه- أخرجه الترمذي (١٥٠) والنسائي (١/ ٢٥١) وأحمد (٣/ ٣٣٠) والدارقطني (١/ ٢٥٦) وابن حبان (١٤٦٣)، والحاكم (١/ ١٩٥) وعن أنس أخرجه الدارقطني (١/ ٢٦٠) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>