للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثل، فإن فعل، فتفسد التسمية من أصلها أو يكون قدر أجرة المِثْل من الزكاة، وما زاد في خالص مال الإمام فيه وجهان (١) مرويَّان في "أمالي أبي الفرج السرخسيِّ".

ومهما كان سهْمُ العاملين زائداً على أجرة المثل، رد ما فَضِلَ على سائر الأصناف، وإن نقص، فعن نص الشافعيِّ -رضي الله عنه-؛ أنه يكمل من بيت المال، ولو قيل: يكمل من سهم بقية الأصناف، فلا بأس، وفيه طرق للأصحاب:

أظهرهما: أن في المسألة قولَيْن:

أصحهما: أنه يكمل من مال الصدقة، ثم يقسم الباقي؛ كما أن أجرة قيم اليتيم في مال اليتيم، وأيضاً فإنه لو زاد دفع الزائد إلى سائر الأصناف، فإذا نقص أخذ منهم.

والثاني: يكمل من خمس الخمس سهْمُ المصالح، ولا ينقص نصيب سائر الأصناف لظاهر الآية.

والثاني: عن أبي إسحاق؛ أنها ليست على قولين، لكن الإمام يتخيَّر بحسب ما يظهر له من المصلحة.

والثالث: إن بدأ بسهم العاملين، كمَّل من الصدقة، وإن بدأ بسائر الأصناف، ثم أعطى العامل، وكان فيه نقص، كمَّل من مال المصالح؛ لعسر الاسترداد منهم.

والرابع: إن فضل عن حاجة سائر الأصناف، كَمَّل من الصدقة، وإلاَّ فمن بيت المال، وكلُّ واحد من صاحبي الطريقتين حمل تردد القولَيْن على ما ذكره من الحالين.

وليعلم قوله في الكتاب: "كَمَّل من بقيَّة الزكاة" لما حكينا، وقوله: "إلاَّ أنْ يكُونَ في بَيْت المالِ سَعَة، ورأى الإمامُ التكميلَ منه، فله أن يكمِّل منه" هذه اللفظة قضيَّتها تجويزُ التكميل منه في هذه الحالة، وذلك يشعر بلزوم التكميل من بقية الزكاة في غير هذه الحالة، لكنهم لم يختلفوا في جواز التكميل مِنْ سهم المصالح مطلقاً؛ بل لو رأى الإمامُ أن يجعل أجرة العامل كلَّها من بيت المال، جاز ويقسم الصدقة على سائر الأصناف، ذكره ابن الصَّبَّاغ وغيره، وإنما الخلاف في تَجْويز التكميل من الصدقة.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَرْعٌ: مَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ صِفَتَانِ هَلْ يَسْتَحِقُّ سَهْمَيْنِ؟ فِيهِ قَوْلاَنٍ، يُنْظَرُ فِي أَحَدِهِمَا إِلَى اتِّحَادِ الشَّخْصِ، وَفِي الآخَرِ إلى تَعَدُّدِ الصِّفَةِ، وَقِيلَ: إنْ تَجَانَسَ السَّبَبَان؛ كَالفَقْرَ وَالغُرْمِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، فلاَ يُجْمَعُ، وَإِن اخْتَلَفَ؛ كَالغَزْو وَالفَقْر فَيُجْمَعُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا اجتمع في شخص صفتا استحقاقٍ، هل يعطَى بهما؟ نصَّ في


(١) قال النووي: أصحهما الأول والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>