للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير معارضة مانع تارة يترتبون وتارة يستوون وقد يعرض لهم تزاحم حينئذٍ، ثم ما يتوظف على الولي إما أن يباشره بنفسه، أو يوكل فيه ترتب كلام الباب على [ثمانية] (١) فصول فَصْلٌ في أسباب الولاية، وفَصْلٌ في موانعها وسوابها، وفصل في ترتيب الأولياء، وفصل في تزاحمهم عند الاستواء، وفصل فيما يجب ويتوظف على الولي، وفصل في التوكيل. فهذه ستَّةُ فُصُولٍ.

وأما فصلاً تولى الطرفين والكفاءة، فليس لهما كثير اختصاص بالباب إلا أن فيه ما ينساق إليهما؛ ألا ترى أنَّا نقول السلطان يزوج في مواضع منها: إذا أراد الْوَلِيُّ أن يتزوج


= مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ}. وقرأ الأخوان والأعمش وغيرهم. عن طلحة وخلف وغيرهما: "الوِلاية لله الحَقِّ". بكسر الواو. وجاء لفظ الولاية في اللغة مصدراً بالفتح والكسر، وهما لغتان فيه بمعنى واحد فالوكالة والوكالة، والوصاية والوصاية. فَدَلَّ ذلك على أنهما بمعنى واحد. وقيل بينهما فرق؛ فقد قال سيبويه الوَلايَة بالفتح المصدر، وبالكسر الأسر مثل الإِمارة والنقابة؛ لأنه اسم لما توليته وقمت به، فهذا أرادوا المصدر فتحوا ونسب إلى أبي عبيدة وأبي الحسن أنها بالفتح ولاية مولى بنسب ونحوه. وذلك ولاية السلطان وقال الزجاج: هي بالفتح النصرة والنسب، وبالكسر للإمارة ونقل عنه أنه ذهب إلى أن الولاية لاحتياجها إلى تَمَرُّنٍ وتدريب شبهت بالصناعات؛ ولذا جاء فيها الكسر. هذا معنى الولاية في اللغة. أمَّا في الشرع فهي نوعان: ولاية إجبار، ويمكن أن تفسر بأنها سُلْطَةٌ تثبت للرَّجُلِ على المرأة بسبب ملك، أو أبوة، أو إيصاء فقط، تسوغ له القيام بأمر المرأة، والنيابة عنها في النِّكَاح بطريق الإِلزام. وولاية غير إجبار، ويمكن أن تفسر بأنها سلطة تثبت للرجل على المرأة بسبب ملك، أو بنوة، أبو أبوة، أو إيصاء، أو تعصيب، أو ولاء، أو كفالة، أو سَلْطَنَةٍ، أو إسلام؛ تُسَوِّغُ له القيام بأمر المرأة، والنيابة عنها في النكاح لا بطريق الإِلزام.
لم يُسوِّ واعلم أن الشارع بين الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، ولم يَضَعْهَا في منزلته، فَقَدْ جَعَلَ لَهُ دونها الأمامة، والقضاء، والجمعة والجماعة، وفرض عَلَيْهِ الْجِهَادَ في سبيل الله، والقيام بنفقتها.
وَلَمْ يُسَوِّ بينهما في الشَّهَادَةِ إذ جَعَلَ شهادة الرَّجُلِ الوَاحِدِ تعادل شهادة امرأتين؛ وفي الإِرث إذ جَعَلَ حَظِّ الرَّجُلَ مثل حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ.
وفي الزوجية جعل العصمة بيده لا بيدها، وهكذا في مواضع كثيرة نجد الشارع الحكيم تعبد الرجل بما لم يتعبد به المرأة، واختصه بَمَزِيد تكَالِيفٍ لم تتعده إليها.
وقد جَعَل الشارع للرجل القوامة العامة عليها بقوله تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.
وفيما نحن بصدده "وَهوَ عَقدُ النِّكاحِ" سلبها الشارع حق مباشرته لنفسها، أو لمن تليه، وجعل ذلك من حقِّ الرَّجُلِ وحده.
ولولا أن في تكوين المرأة الجسماني والعقلي ضعفاً يعوقها عن النُّهُوضِ بكل ما نَاطَ به الرجل من هذه الأواصر والتكاليف لما وُجدت هذه الفوارق بين المرأة والرجل.
(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>