للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن القَفَّالِ، والشيخ أبي عَاصِمٍ: أنه لا يعتبر النسب في العجم؛ لأنهم لا يعتنون بحفظ الأنساب، ولا يَدَوُنُوَنَهَا، والظَّاهِرُ الأول، وقضيته للاعتبار فيمن سُوَى قُرَيشٍ من العَرَب أيضًا، لكن ذكر ذاكرون أنَّهُمْ أكفاء (١)، وَاحْتَجُّوا بما رُوِيَ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ قُبَيْلَةٌ لِقِبَيْلَةٍ، وَحَيٌّ لِحَيٍّ، وَرَجُلٌ لِرَجُلٍ إِلاَّ حَائِكًا، أَوْ حجامًا" (٢).

والاعتبار في النسب بالأَبِ فالذي أبوه أَعْجَمِيٌّ، والأم عربية ليس بِكُفْءٍ للتي أبوها عربي، والأم عجمية.

ومنها: الدِّينُ والصَّلاَحُ: فالكافر ليس بِكُفْءٍ للمسلمة، وَالَّذِي أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ ليس بِكُفْءٍ للتي لها أبوان، أو ثلاثة في الإِسلام.

وعن القاضي أبي الطَّيِّبِ وغيره وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُمَا كفئان، واختاره القاضي الرُّويانِيُّ، وذكر بعض المتأخرين أنه لا ينظر إلاَّ إلى إِسْلاَمِ الأَبِ الأَوَّلِ والثاني، فيمن له


= تنبيه: لا يعارض هذا ما رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين موتوا في الجاهلية، الحديث. لأنه محمول على المفاخرة المفضية إلى احتقار المسلم، وعلى البطر، وغمض الناس، وحديث واثلة تستفاد منه الكفاءة، ويذكر على سبيل شكر المنعم قاله الحافظ.
(١) قال النووي: مقتضى كلام الأكثرين، أن غير قريش من العرب بعضهم أكفاء بعض، كما صرح به هؤلاء الجماعة. وذكر الشيخ إبراهيم المروذي، إن غير كنانة ليسوا أكفاءً لكنانة. ومما يتعلق بهذا ما حكاه في "البيان" عن الصيمري، أنه قال: موالي قريش أكفاء لقريش، وكذا موالي كل قبيلة أكفاء: لها، قال: وجمهور الأصحاب على أنهم ليسوا بأكفاء، وهو الصحيح.
(٢) أخرجه الحاكم من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عمر به، والراوي عن ابن جريج لم يسم، وقد سأل ابن أبي حاتم [١١/ ٤١٢]، في العلل عنه أباه فقال: هذا كذب لا أصل له، وقال في موضع آخر: باطل، ورواه ابن عبد البرّ في التمهيد من طريق بقية عن زرعة عن عمران بن أبي الفضل عن نافع، عن ابن عمر، قال الدارقطني في العلل: لا يصح، وقال ابن حبان: عمران بن أبي الفضل يروي الموضوعات عن الثقات، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: منكر، وقد حدث به هشام بن عبيد الله الرازي فزاد فيه بعد أو حجام: أو دباغ، قال: فاجتمع عليه الدباغون وهموا به، وقال ابن عبد البرّ: هذا منكر موضوع، وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية من طريقين إلى ابن عمر، في أحدهما علي بن عروة وقد رماه ابن حبان بالوضع، وفي الآخر محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك، والأول في ابن عدي، والثاني في الدارقطني، وله طريق أخرى عن غير ابن عمر، رواه البزار في مسنده من حديث معاذ بن جبل، رفعه: العرب بعضها لبعض أكفاء، والموالي بعضها لبعض أكفاء، وفيه سليمان بن أبي الجون، قال ابن القطّان: لا يعرف، ثم هو من رواية خالد بن معدان عن معاذ ولم يسمع منه تنبيه: روى أبو داود، والحاكم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا: يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا عليه، قال: وكان حجامًا، إسناده حسن. قاله الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>