للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأول]: وهي عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح ويستولي سلطانها بظهور شعاعها، فإن الشعاع يكون ضعيفاً في الإبتداء.

[الثاني]: وعند استواء الشمس حتى تزول.

[الثالث]: عند اصفرار الشمس حتى يتم غروبها؛ لما روي: "أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإذَا ارْتَفَعَت فَارَقَهَا، ثُمَّ اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوب قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرُبَتْ فَارَقَهَا وَنَهَى عَنِ الصَّلاَةِ فِي هذِهِ الأَوْقَاتِ". وقوله: "ومعها قَرن الشيطان قيل: معناه قوم الشيطان وهم عبدة الشمس يسجدون لها في هذه الأوقات، نهى عن الصلاة فيها لذلك.

وقيل: معناه أن الشيطان يقرب رأسه من الشمس في هذه الأوقات؛ ليكون الساجد للشمس ساجدًا له، ولك أن تُعَلِّم قول المصنف "إلى أن يرتفع قرص الشمس" بالواو؛ لأن من الأصحاب من قال: يخرج وقت الكراهية بطلوع القرصة بتمامها، ولم يعتبر الارتفاع. وإيراده في "الوسيط" يشعر بترجيح هذا الوجه، وظاهر المذهب الوجه الأول، ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَإذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا" (١).

واعلم أن حالة الاصفرار داخلة في الوقت الثاني، وهو ما بعد العصر حتى تغرب الشمس، لكن في حق من صَلَّى العصر -وحالة الطلوع إلى الارتفاع- متصلة بما بعد الصبح في حق من صلى الصبح، وذكر بعضهم في العبارة عن الوقت الأول من أوقات الكراهية أنه ما بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس قيد رمح، وعلى هذا فتنقص أوقات الكراهية عن الخمسة، وربما انقسم الواحد منها إلى متعلق بالفعل، وإلى متعلق بالزمان.

قال الغزالي: وَذَلِكَ في كُلِّ صَلاَةٍ لاَ سَبَبَ لَهَا بِخِلاَفِ الفَائِتَةِ وَصَلاة الجَنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلاَوَةِ وَتَحِيَّةِ المَسْجِدِ وَرَكْعَتَي الطَّوَافِ، وَفِي الاسْتِسْقَاءِ تَرَدُّدٌ، وَرَكْعَتَا الإحْرَامِ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّ سَبَبَهَا مُتَأخِّرٌ.

قال الرافعي: الأوقات المكروهة لا ينهى فيها عن الصلاة على الإطلاق، بل عن بعض أنواعها، وما ورد فيها من النهي المطلق محمول على ذلك البعض، فالغرض من هذا الفصل بيان ما ينهى عنه من الصلوات في هذه الأوقات وما لا ينهى عنه. وقوله: "وذلك في كل صلاة لا سبب لها" أي النهي والكراهة.

وقول الأصحاب في هذا المقام: صلاة لا سبب لها، وصلاة لها سبب، ما أرادوا


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٧٠) وابن ماجة (١٢٥٣) والنسائي (١/ ٢٧٥) والشافعي (١٤٤)، من حديث عبد الله الصنابحي، وفي الصحيح معناه من رواية عمرو بن عبسة، أخرجها مسلم (٨٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>