للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تقرَّر ذلك ففي الفصل مسائل:

المسألة الأولى: هل للسَّيِّد إجبارُ الْعَبْدِ الْبَالِغِ على النِّكَاحِ؟.

فيه قولان:

أحدهما: وهو القديم: نعم، وهو قَالَ أبو حنِيْفَةَ وَمَالِكٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهِمَا- لأَنَّهُ مَمْلُوكٌ، فأشبه الأُمَةَ.

والجديد: المنع، وبه قال أَحْمَدُ؛ لأنه يملك رفع النكاح بالطلاق، فكيف يجبر على ما يملك رفْعَه، وأيضاً، فإنَّ النكاح عقد يلزم ذمة العبدْ مالاً، فلا يجبر عليه كالكتابة، ويخالف الأمة؛ فإنه يملك منفعة بُضْعَها، فيورد العقْد علَى ما يملكه فهاهنا بخلافه، وإن كان العبد صَغِيراً فَطَريقَانِ:

أَظْهَرُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ.

والثَّانِي: القطع بجواز الإِجبار، وهو اختيار الْقَاضِي ابنِ كَجٍّ.

وإن شئت، قلت: إِن أجبر العبد البالغ، فالصغير أولى، وإلاَّ فقولان أَو وجهان:

والفرق: أن الإِجْبَارِ بحال الصّغَبر أَلْيَقُ كما في حَقِّ البنين، ومن طرد الخلاف في الصغير، فقد يثبته على المعنيين المذكورين في أَن البالغ لا يجبر، إِنْ علَّلنا أنه يملك رفع النكاح بالطلاق، فالصَّغِيرُ لا يملكه، فيجبر، وإن علَّلنا بأَنه يُلْزمُ ذمته مالاً، فلا فَرْق، وقد يقول الْمُخْتَصَرُ في إجبار الْعَبْدِ ثَلاثَةُ أَقوالِ، ثالثها الفرق بين الصغير والكبير، والعبد والمجنون كالصغير، وإذا فرَّعنا على جواز الإِجبار للسيد، فللسيد أن يقبل النِّكَاحَ للعبد الْبَالِغِ، وله أنْ يكرهه على القبول، ويصح؛ لأنَّهُ غير مبطل في الإِكراه، قاله في "التَّهْذِيبِ".

وفي "التتمة" إن قبوله بالقهر لا يصحُّ، ويقبل إقرار السيد على العبد كإِقْرار الأب في حق ابنته، ويجوز أن يزوِّج أمته من عبده الصغير، أو البالغ، وحينئذ، فلا مهر، وفي استحباب ذكْرِهِ قولان، الجديد أنَّه لا يستحب ويقال وجهان ولو طلب العبد النكاح من السيد [هل يجب الإِجابة؟.

فيه قولان، ويقال وجهان] (١):

أَحدهما: نعم، وبه قال أَحْمَدُ، كما يجب إجابة السَّفِيهِ إذا طلب، ولأنَّ في المنع توريطاً له في الحرام.


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>