للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداها: وهي المذكورة في الكتاب: "يحرم الجمع بين كلِّ امرأتين بينهما قَرَابَةٌ أو رَضَاعٌ، لو كانت إحداهما ذكراً، لَحَرُمَتِ المناكحة بينهما".

والثانية: تحريم الجَمْع بين كل امرأتين بينهما قرابة أو رضاعٌ يقتضي المحرمية.

والثالثة: يحرم الجمع بين كُلِّ امرأتين بينهما وصلةُ قرابةٍ أو رضاعٍ، لو كانت تلك الوصلة بينك وبين امرأة، لَحَرُمَتُ عليك، وقصَدُوا بقيد القرابة والرضاعِ الاحترازَ عن الجَمْع بين المرأة وأم زوجها وبنت زوجها وإن شئت قُلت: بين الْمَرْأَةِ وزوجة ابنها، وعن الجمع بين المرأة وبنت زوجها، وإن شئت قلت: بين المرأة وزوجة أبيها، فإنَّ هذا الجمع غير مُحرَّم، وإن كانت يَحْرُم النكاح بينهما، لو كانت إِحداهما ذكراً؛ لأنا لو قدَّرنا أم الزوج ذكراً، حَرْمَتُ عليه زوجة الابن، ولو قدرنا بنت الزوج ذكراً حرمت عليه زوجة الأب، لكن ليس بينهما قرابةً، ولا رضاع، وإنما ذلك التحريم بِسَبب الْمُصَاهَرَةِ، والمعنى أن سبب تحريم الجمع ما فيه من قطيعة الرحم المُوحِشَة، والمنافسَة القوية بين الضرتين رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّهَ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ إِذَا فَعْلْتُمْ ذَلِكَ قَطَّعْتُمْ أَرْحَامَهُنَّ" (١) والرَّضاع في معنى القرابة؛ لأنه يُثْبت اللحم وُينْشِزُ العظم، وأما المصاهرةُ، فليس فيها رحم، حَتَّى يُفَوَضَ قطعه، وقد يستغنَى عن قيد القرابة والرضاع؛ بأن يقال: يحرم الجمع بين كل امرأتين أيهما قدرت ذَكَراً حرمت الأخرَى عليه، فتخرج الصورتان المذكورتان؛ لأن أيَّتَهُمَا قدرت ذكراً لا تحرم عليه الأخرَى؛ لأن أم الزوج، وإِن كان تحرم عليها زوجة الابن لكن زوجة الابن لو قدرت ذَكَراً لا تحرمِ عَلَيْهِ الأُخْرَى، بل تكون أَجْنَبِيَّةً عنه، وَيجُوزُ الجَمْعُ بِيْنَ بِنْتِ الرَّجُلِ وَرَبِيْبَتِهِ، وَبَيْنَ الْمَرْأةِ وَرَبيْبَةِ زَوْجِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى، وبين أخت الرَّجُلِ من أبيه وأخته من أمِّهِ؛ لأنه لا يحرم المنَاكحة بتقدير ذكورة إحداهما، ويحرم الجمعِ بين الأمِّ وابنتها قضيِّةً للضابط المذكور، حَتَّى لو نكحهما مَعاً، بَطَلَ النِّكَاحَانِ، ولو نَكَحَهُمَا في عقْدَيْن فالثاني باطل، ثُمَّ لَوْ كَانَتِ الثَّانِيَّةُ البنْتَ، ولم يدخلْ بالأم، جاز أن يعقد على الثَّانِيَّةِ.


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن عدي من حديث أبي حريز عن عكرمة عن ابن عباس بنحو ما تقدم، وزاد في آخره هذه الزيادة، ورواه ابن عبد البرّ في التمهيد من هذا الوجه، وأبو حريز بالمهملة والراء ثم الزاي اسمه عبد الله بن حسين، علق له البخاري ووثقه ابن معين وأبو زرعة، وضعفه جماعة فهو حسن الحديث، وفي الباب ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن عيسى بن طلحة قال: نهى رسول الله عن أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة (تنبيه) رواية ابن حبان بالنون، بلفظ الخطاب للنساء في المواضع كلها إنكن إذا فعلتن ذلك قطعتن أرحامهن، ورواية ابن عدي بلفظ الخطاب الرجال، وبالميم في المواضع كلها، وما أورده المصنف لا يوافق واحداً منهما قاله الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>