للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القابل، ولو جمع بين أختَيْن وَأَمَةٍ، وهو مِمَّن يِحْلُّ له نكاح الأَمَةِ، فنكاحُ الأَختَيْنِ بَاطِلٌ، وفي نكاح الأمَةِ الخلافُ، ولو قال: زوجتك بنتي، وبعتك هذا الزق من الخمر بكذا فقبلهما، فمنهم من طَرَدَ القولين في النكاح، والأصح القطع بالصحة؛ لأنهما عقدان مختلفان، وصفتان مختلفان ولو قال: زوجتك ابنتي وابني، أو فرسي، أو زوجتك ابنتي، وهذا الزق من الخمر، فمنهم من طرد القولين في نكاح البنت، والأصح القطع بالصحة؛ لأن المضموم لا يقبل النكاح فلغا ذكره، وإذا قلنا بصحة نكاح البنت فلها مهر المثل إن قلنا فيما إذا جمع بين امرأة محللة وأخرى محرمة أنَّ الواجب للمحللة مهر المثل، وإن قلنا: إن الواجب هناك حصة مهر المثل من المسمى، ففي "التَّهْذِيبِ" أن هاهنا يجب جميع المسمى لتعذر التوزيع (١) والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الجِنْسُ الرَّابعُ) الكُفْرُ وَهُمْ ثَلاَثةُ أَصْنَافٍ (الكِتَابِيُّ)، وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَبُقرُّونَ بِالجِزْيَةِ وَالوَثَنِيّ وَالمُعَطِّلُ وَالزَّنْدِيقُ لاَ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلاَ يُقرّونَ بِالجِزْيَةِ، وَالمَجُوسُ لاَ يَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ لَكِنْ يُقرُّونَ بِالجِزْيَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الجنس الرابع: من موانع النكاح الكفر والكفار ثلاثة أَصْنَافٍ: أحدها: الكتابيون، فيجوز للمسلم مناكحتهم (٢) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الذينَ أُوتُوْا


(١) قال النووي: ولو تزوج أمتين في عقد، بطل نكاحهما قطعاً كالأختين. وجميع ما ذكرناه في نكاح أمة غيره، أردنا به غير أمة ولده، وأما أمة ولده، ففيها خلاف وتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في "الباب العاشر".
(٢) أكثر أهل العلم والفقهاء الأربعة على القول بحل زواج المسلم بالكتابية الحرة التي بدار الإِسلام -ونقل عن ابن عمر والهادي من الزيدية والإِمامية من الشيعة القول بتحريمها على المسلم.
استدل المحرمون: -بالكتاب والأثر والمعقول.
أما الكتاب: -فأولاً: قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} وجه الدلالة أن الله تعالى حرم المشركات بالنهي الوارد في الآية. والكتابية مشتركة فيحرم نكاحها وتشهد اللغة والكتاب والسنّة بثرك الكتابية. أما اللغة فكون الشرك معناه الإشراك بين شيئبن. ومن جعلت عيسى أو عزير ابناً لله فقد أشركت معه غيره في العبودية. وأما الكتاب فقد نطق بتركها في قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
ونسب إليهم القول بالأبنية لله وهو عين الشرك قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} وكذلك السنّة الصحيحة وصفتهم بالشرك فقد روى البخاري في صحيحه عن الليث عن نافع عن ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية قال "حَرَّمَ اللهُ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ وَلاَ أعْلَمُ شَيئاً مِنَ الإِشْرَاكِ أعْظَمَ مِنْ أَنْ تَقُولَ الْمرْأَةُ ربَّهَا عِيْسَى وَهُوَ عَبْدُ مِنْ عِبَادِ اللهِ".
صرح الحديث بشركهم. ونطق بعلة تسميتهم. وكيف لا تكون الكتابية مشركة وقد توفرت فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>