للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحدها: أنَّ القولَيْن في حقوق الْعِبَادِ، فأَما في حُقُوقِ اللهِ تَعَالَى، فيجب الحكم؛ لئَلاَّ تضيع، فإِنه لا مطالب بها.

والثاني: أَن القولَيْن في حقوق الله تَعَالَى، فأَمَّا في حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَيَجِبُ؛ لبنائها على التضييق.

وأظهرها: على ما ذكره الشيخ أَبو حَامِدٍ: طَرْدُ القولَيْنِ في النوعَيْن، وإِن كانا مختلفَيِ الْمِلَّةِ كاليهوديِّ والنصرانيِّ، فطريقان:

أَحدهما: وبه قال أَبُو إِسْحَاقَ: طرد القولَيْن.

وأصحهما: وبه قال ابنُ أَبي هُريْرَةَ: القطْعُ بوجوب الحكم؛ لأَنَ كُلَّ وَاحِدٍ منْهما لا يرضى بحاكم ملة الآخر، فيدوم النزاع بينهما، ولو ترافَعَ إِلَيْنا معاهَدَانِ، لم يجب الحكْمُ؛ سواءٌ اتفقت ملتهما أَو اختلَفَتْ؛ لأَنهم لم يلتزموا الأحَكام، ولا [التزمنا] (١) دفع بعضهم عن بعض بخلاف أَهل الذِّمَّة.

وقيل: بِإلْحَاقِهِما بالذِّمِّيَّين.

وقيل: إِنْ كانا مختلفِيَ الملة [وجب] (٢) وإِلاَّ، لم يجب، والأَظهرُ الأَول.

ولو ترافع إِلينا ذمِّيٌّ ومعاهَدٌ، فطريقان:

أَظهرهما: أَنهما كالذمِّيينْ، فيعود القولان.

والثاني: القطْعُ بوجوب الحُكُم كالذمِّيَّيْن المختِلَفِي الملة، وِإن كان أَحدُ الخصمين مسلماً، والآخر ذمياً أَو معاهَداً، وجب الحكم لا محالة؛ لمنع الظلم عن المسلم، أو منْعِهِ عن الظلم، وأَيضاً، فإن المسلم لا يمكنه النُّزولُ على حُكْم حاكم الكفار، فلا بُدَّ من فصل الخصومة بحكمنا وقوله في الكتاب "إِنْ كَانَا مختِلَفِي الْمِلَّةِ، وَجَبَ على الأَصَحِّ أي: من الطريقين، ويجوز مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ يُرِيدَ على الأصح من القولين، جواباً على إِثبات الخلاف" وقوله: "ولا يجبُ في المعاهِدِينَ" معلم بالواو.

وأَما قوله "لا نحكم إِلا إذاً رَضِيَ الخَصْمَان جميعاً بحكمنا"، فالسابق إلى الفهم منه أنا حيْثُ قلْنا بوجوب الَحكم ف في الصورة السابقة، فذلك، إذا حصَلَ رضا المتخاصِمَيْنِ ولفظه في "الوسيط" يقتضي نَحْوَ ذلك، لكنه لا يلائم نقل [الأصحاب] (٣) لأنهم على اختلاف طبقاتهم فرَّعوا على القولَيْن، فقالوا: إِنْ قلنا بوجوب الحُكْم، فإذا استعدَى خصم على خَصْم، وجب إِعداؤه، وِإحْضَارُ الخَصْم؛ ليحكم بينهما، ووجب


(١) في ز: أكثر منا.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>