للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْتَارُ الأُوْليَيْنِ وَلاَ يَخْتَارُ المُتَخَلِّفَتَيْنِ، وَهَلْ يَخْتَارُ وَاحِدَةٌ مِنَ الأَوْلَيَيْنِ وَوَاحِدَةٌ مِنَ الأخْرَيَيْنِ؟ فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ: يَخْتَارُ الأُخْرَيَيْنِ أَيْضاً إنْ شَاءَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: العبْدُ الكافرُ، إذا أسلم، وتحْتَه أكثر من امرأتين، وأسلمن معه، أو بعده في العدَّة، إن كان قد دَخَلَ بِهِنَّ يَخْتَارُ اثنتين منهنَّ، سواءٌ كُنَّ حرائر، أو إماءً، وإن كُنَّ حرائرَ وإماءً، فإن شاء، اختار حُرَّتَيْن، وإنْ شاء، أَمَتَيْنِ، وإن شاء، حُرَّةً وأمَةً، ولو سَبَقْنَ إلى الإِسْلام.

ثم أسلم قبل انقضاء عِدَّتِهِنَّ، فكذلك الحكْمُ، ولو طرأ العِتْقُ عليه، وكان قد تزوَّج في الشِّرْك بعدد من النِّسْوة، فيُنْظر؛ إن عتق بعْد اجتماع الإِسلامين، لم يختر إلاَّ اثنتين، ولم يُؤَثِّرِ الْعِتْقُ في اختياره، زيادةً، وإن عَتَقَ قبل اجتَماعَ الإِسلامين؛ بأن عَتَقَ قبل إسلامه وإسلامِهِنَّ، أو بين إسلامه وإسلامِهِنَّ، تقدَّم إسلامه أم تأَخَّر، فحكمه حكْمُ الأَحرار، وللزَّوْجَاتِ أحوالٌ ثلاث:

الحالة الأولى: أن يتمحض حرائر، فيختار أربعاً منْهُنَّ، ولو أسلمتْ منهن ثنتانِ معه ثم عَتَقَ، ثم أَسْلَمَتِ الْبَاقِيَاتُ، فليس له إلا اختيار ثنتين؛ إما الأُوِليين أو ثِنْتَيْنِ من الباقيات، أو واحدةً من الأوليين، وواحدةً من الباقِيَاتِ، وإن أسلمتْ معه واحدةٌ، ثم عَتَقَ، ثم أسْلَمَ الباقياتُ، فله اختيارُ أربعٍ مِنْهُنْ، والفرقُ: أَنَّه إذا لم يُعْلِمْ معه إلاَّ واحدةٌ لم يكمل عدد العبيد، وإذا أسلمتُ اثنتان، ثم عَتَقَ، كَمْلَ عدد العبيد قَبْل العِتْق فحدوث الحرية من بعْد لا تفيد زيادةً عليه، وشبَّهوا الصورتَيْنِ بما إذا أطلَّق العبْدُ امرأة طلقَتَيْنِ، ثم عَتَقَ لم يملكْ بالعِتْق طلقةً ثالثةً، ولم يَجُزْ لَهُ نِكَاحُهَا إلاَّ بِمْحَلِّلٍ، ولو طلقها طَلْقَةً، ثم عَتَقَ، ونكحها، أو راجَعَها، ملَكَ طلقتين، وبما إذا عتقتِ الأمةُ في القرءين تُكْمِلُ ثلاثة أقراء، وإن عتَقت بعْد تمامها، لم يلزمْها شيْءٌ آخرُ، وبما إذا كانَتْ تحته حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، يقسم للحرَّةِ لِيلَتَيْنِ، وللأمة ليلَةً، ثم عَتَقَتِ الأمةُ، إن عتقت بعْد تمام ليلتها، لم تستحقْ زيادةً، وإن عَتَقَتْ قبل تمامِهَا، كمَّل لها ليلَتَيْنِ.

وذكر الأصحاب عِبَارَةً جامعةً لهذه المسائِلِ، فقالوا: الرِّقُّ والحُرِّيَّةُ، إذ تبدَّل أحدهما بالآخر، فإنْ بَقِيَ من العدَدِ المعلَّق بكل واحد من الزائِلِ والطَّارئ شيْءٌ، أثَّر الطارئُ، وكان الثابتُ العددَ المعلَّقَ به زائداً كان أو ناقصاً، وإن لم يَبْقَ شَيْءٌ منهما جميعاً، لم يؤثِّر الطارئُ، ولم يغيِّر حكماً، فإذا أسْلَم معه حُرَّتَانِ، ثم عَتَقَ، لم يبْقَ من العدَدِ المعلَّق بالزائدِ شيْءٌ، وبقي العدَدُ المعلَّق بالطارئ اثنتان، فلم يَثْبُتِ العددُ المعلَّق بالطارئ، وإذا أسلَمَتْ معه واحدةٌ، بَقِيَ من العدد المعلَّق بالزَّائِلَ شيْءٌ ومن العدد المعلَّق بالطارئ شيْءٌ، فأثَّر العتْقُ، وثبَتَ حكْمُه، وعلَى هذا قياسُ باقي المسائِلِ، وعلَى هذا الأصْلِ؛ قَالَ ابنُ الْحَدَّادِ: لو طلَّق الذِّمِّيُّ زَوْجَتَة طلْقَتَيْنِ، ثم الْتَحَقَ بدارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>