للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كولد المغرور وقيمته في ذمته إلَى أنْ يعتق، والمَهْرُ يتعلَّق برقبته، إن كانت مكرهة، وإن كانت طاوعته، فقولان في أنَّه يتعلَّق برقبته أو بذِمَّته، كما لو وَطِئَ العبْد أجنبيةً بالشبهة، ولو كان الأب المستولد مكَاتباً، ففي ثُبُوت الاستيلاد وَجْهَانِ؛ بنَاءً على القولَيْن في ثبوته، إذا أولد جاريةَ نَفْسِهِ، ولو كان بعْضُه حراً وبعْضُه رقيقاً؛ لم يثبتْ الاستيلاد، ويكونُ نصْفُ الولَدِ حُرّاً، وفي نصْفه الآخر وجهان.

قال في "التَّهْذِيبِ": إن قلنا: أَنَّهُ حُرٌ أيضاً، فعليه كمالُ قيمةِ الوَلَد، نصْفُها في كسبه، ونصْفُها في ذمَّته، وإن قلْنا: إن النِّصْف الآخر رقيقٌ، فعليه [قيمة نصفه] (١) في كَسْب.

ولا فرق في الأحْكَام المذكورة بَيْن أن يكون الأبُ مُسْلماً أو ذِمَّيّاً، ويجري القَوْلاَن في ثُبُوت الاستيلاد في الذمِّيِّ، وإن كان الكافر لا يشتري المسلم؛ لأن الملك في الاستيلاد حُكْمِيٌّ، كما في الإِرث.

ووطء الأبِ جاريةَ البنْت والحَفَدة كوطْئِه جارية الابْن، ولا فَرْقَ، وأما لفظ الكتاب، فقوله: "فلا يجب الحد، ويجب المهر" مُعْلَمان بالواو، ويجوز أن يُعْلَم قوله: "وينعقد الولد على الحرية" أيضاً؛ لأن من يقول بثبوت الوَلاَء علَيْه لا يُسَلَّم انعقاده على الحرية.

وقوله: "وتصير مستولدة الأب" أعلم بالزَّاي، وفي "أمالي" أبي الفرج السَّرخْسَيِّ أنه لا يثبت الاسْتِيلاَد عند مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فليعلم بالميم أيضاً، وقوله: "على القول المنصوص" يشيره الى كون القول الآخر مُخرَّجاً، وكذلك ذكر بعض الأصحاب، قَالَ القاضي ابن كجٍّ: نص ههنا على أنها تصير أمَّ ولد له، ونص فيما إذا أحبل أحد الغانِمَيْن جاريةً من المغنم أنَّها لا تصير أمَّ ولد له، فمن الأصحاب من جَرَى على النَّصَّيْنِ، فرقاً بأنَّ الأب له شبهةٌ في مال الابن، ويجب علَى الابن إعفافه، وهذا المعْنَى لا يوجدُ في الغانمين بعضهم مع بعض، ومنْهُمْ منْ جَعَل المسلِمِينَ علَى قولَيْن، وهذا ذهاب إلى أن قول المنع مُخرَّج ههنا، ومن الأصحاب من قال: هو منصوصٌ، وربَّما نسب إلى القديم، فعلى هذا قولُه: "على المنصوص" يعني في هذا الباب أو على الجديد، وقوله: "ويقدر انتقال الملك إليه مع العلوق" لا يخفى أنه مفرَّعٌ علَى ثبوت الاستيلاد.

وقوله: "علَى أظهر الوجهين" يمكن أن يرجع إلَى قوله "ويقدر انتقال الملك إليه مع العُلُوق" ويقابله الوجْهُ الذاهِبُ إلَى تقْدِيم الانتقال على العُلُوق، والوجه الذَّاهِب إلَى تأخره عنه تعليلاً بأنَّ المعْلُول يترتَّب على العلَّة بالرُّتْبة لا بالزمان، ويمكن أن يتعلَّق بقوله: "حتى ينتفي قيمة الولد"؛ لما مَرّ أن بعضهم قال: "قضية المساوقة وجوبُ القيمة" والاحتمال الأول أقرب إلى ما ذكره في "الوسيط" [وعلى هذا الاحتماله يُحْسُن


(١) في ز: قيمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>