للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل أبو سَعْدٍ المُتَوَلِّي وَجْهاً أنه إذا امْتَدَّ الزَّمَانُ، بحيث يزداد في مثله الطَّلْعُ لا يجوز له الرُّجُوعُ فيه، هذا لفظه، ولو قال: لا يَجُوزُ الرُّجُوعُ إلا بِرِضَاهَا كان أَحْسَنَ، ولو كانت مُؤَبَّرَةً عند الطَّلاَقِ، فهل للزوج حَقٌّ في الثمرة؟ فيه طريقان:

أحدهما: أنه على قولين، كالقولين فيما إذا أصْدَقَهَا جَارِيَةٌ حَامِلاً، وولدت قبل الطلاق، وسنذكره في الفصل الآخر، بعد هذا الفَصْلِ.

وأصحهما: القَطْع بِإثْبَاتِ حَقِّهِ في الثمرة لأنها مشاهدة متيقنة بخلاف الحَمْلِ، ولهذا لا يُفْرَدُ الحَمْلُ بالعَقْدِ، وتُفْرَدُ الثمار، وإذا أَثْبَتْنَا له الحَقّ في الثمرة لا يأخذ إلا بِرِضَاهَا؛ لأنها قد زَادَتْ، فإن لم تَرْضَ أخذ نِصْفَ قيمة الطَّلْعِ, مع نصف الأشجار.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِي) لَوْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً حَامِلاً فَوَلَدَتْ فَلا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الوَلَدِ إِنْ قُلْنَا: لاَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُقَابِلُهُ يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ, وَفِيه وَجْهٌ آخَرُ أنَّهُ لاَ يَرْجِعُ لأَنَّهَا زِيَادَةٌ ظَهَرَتْ بِالانْفِصَالِ.

قَالَ الرَّافِعِي: أَصْدَقَها جَارِيَةٌ حَامِلاً, ثم طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ، نظر إن طَلَّقَها، وهي حَامِلٌ بعد، فللزوج نِصْفُهَا حَامِلاً، ويجيء عند امْتِدَادِ الزَّمَانِ الوَجْهُ المذكور فيما إذا أَصْدَقَهَا نَخْلةً مُطْلِعَةً، وطَلَّقَهَا، وهي بعد بجالها لم يؤثر، فإن طَلَّقَهَا، وقد وَلَدَتْ، فالكلام في الأم، ثم في الوَلَدِ أما الأم، فلا يَأْخُذُ نِصْفَهَا إن كان الوَلَدُ رَضِيعاً كيلا يختلَّ أَمْرُهُ، لكن يرجع إلى نِصْفِ القِيمَةِ، فإن كانت فَطِيماً، فإن كان في زَمَانِ التفريق المُحَرَّمِ، فعلى ما تقدَّمَ، وإلا فله نِصْفُها، فإن انْتَقَصَتْ قيمتها بالوِلاَدَةِ، نظر إن وَلَدَتْ في يد الزوج، فعلى ما سَبَقَ من حكم النُّقْصَانِ الحاصل في يد الزوج، وإن وَلَدَتْ في يد الزَّوْجَةِ فله الخِيَارُ إن شاء أَخَذَ نِصْفَهَا، ولا شيء له مع ذلك، وإن شاء رجع إلى نِصْفِ القيمة، وأما الوَلَدُ، فهل يأخذ الزَّوْجُ نصفه؟ ينبني على أن الحَمْلَ هل يُعْرَفُ؟ وهل يقابله قِسْطٌ من الثمن في البيع؟ وفيه قولان مَذْكُورَانِ في غَيْرِ مَوْضِعٍ، فإن قلنا: "لا" فهو كالوَلَدِ الحَادِثِ بعد العَقْدِ، ولا حق للزَّوْجِ فيه.

وإن قلنا: نعم، وهو الأَصَحُّ، ففيه وجهان:

أحدهما: أن للزوج حَقّاً فيه، كما لو أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ، لكن الولد قد زَادَ بالوِلاَدَةِ، فللمرأة الخِيَارُ إن رضيت بوجوع الزَّوْجِ إلى نِصْفِهِ، مع نِصْفِ الأم، أُجْبِرَ عليه، وإن أَبَتْ قال في "التتمة": لا يرجع في نِصْفِ الجَارِيَةِ للتفريق، ولكن يرجع إلى نِصْفِ قيمتها، وقيمة الولد، وتعتبر قِيمَتُهُ بيوم الانْفِصَالِ؛ لأنه أوَّلُ وَقْتِ إِمْكَانِ التقويم.

والثاني: أنه لا حَقَّ له بسبب الوَلَدِ؛ لأن هذه زِيَادَةٌ ظهرت بالانْفِصَالِ، ولا قِيمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>