للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له حَالَةَ الاجْتِنَانِ (١).

ولو كانت الجَارَيةُ المصدقة حَائِلاً، فطلقها وهي حَامِلٌ، فقد سَبَقَ، وإن وَلَدَتْ، ثم طَلَّقَهَا، فالوَلَدُ لها، والقول في الأم، كما ذكرنا فيما إذا كانت حَامَلاً يوم الإِصْدَاقِ، ووَلَدَتْ، وطلقها قبل الدُّخُولِ، وإن حَبِلَتْ في يد الزوج، ووَلَدَتْ في يد اَلزَّوْجَةِ، فيكون النُّقْصَانُ من ضَمَانِهِ، ويثبت لها الخِيَارُ؛ لأن السَّبَبَ وُجِدَ في يده، ومن ضَمَانِهَا، ويثبت له الخِيَارُ؛ لأن النُّقْصَانَ حَصَلَ عندها، فيه وجهان لا يَخْفَى نَظَائِرُهُمَا.

قَالَ الغَزالِيُّ: (الثَّالِثُ) لَوْ أصْدَقَهَا حُلِيّاً فَكَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ صَنْعَةً أُخْرَى فَهُوَ زَيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَنُقْصَانٌ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنْ أَعَادَتْ تِلْكَ الصَّنْعَةَ لَمْ يَرْجِعْ إِلاَّ بِرِضَاهَا فِي أَحَدِ الوَجْهَيْنِ لأنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ باخْتِيَارِهَا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَصُوغاً، وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ مِثْلَ وَزْنهِ مِنَ التَّبْرِ وَأُجْرَةَ الصَّنْعَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا أصدقها حُلِيّاً فَكَسَّرَتْهُ، أو انْكَسَرَ في يدها، وبَطَلَتِ الصَّنْعَةُ، ثم أَعَادَتِ المُنْكَسِرَ حُلِيّاً، ثم طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قبل الدخول، فينظر إن صاغَتْهُ على هَيْئَةٍ أُخرى، فالحاصل زِيَادَةٌ من وجه، ونُقْصَانٌ من وجه، وليس له أن يَرْجِعَ إلى نصف العين قَهْراً، ولا لها أن تُجْبِرَهُ على قَبُولِ نِصْفِ العَيْنِ، بل الرجوع إلىِ نصْفِ القيمة، مهما أَبَى أحدهما، وإن اتَّفَقَا على الرُّجُوعِ إلى نصفه، جاز، وإن أعَادَتِ الصّنْعَة التي كانت، فوجهان:

أحدهما: أنه يرجع الزَّوْجُ إلى نِصْفِ العَيْنِ، وإن لم ترض؛ لأنه بالصِّفَةِ التي كانت عليها يَوْمَ الإِصْدَاقِ، والتسلم إليها وأظهرهما -وبه قال ابْنُ الحَدَّاد: أنه لا يرجع إلا بِرِضَاهَا؛ لأن الصّنْعَةَ المعادة حَدَثَتْ عندها، والمَوْجُودَة قبلها، فإنها مِثْلُهَا لا عَيْنَهَا، فالزِّيَادَاتُ الحَادِثَةُ عند الزوجة تمنع الرُّجُوعَ القَهْريّ.

واحْتَجَّ بعضهم لِلْوَجْهِ الأَوَّلِ بما إذا هَزُلَتِ الجارية المَمْهورَةُ في يدها، ثم سَمِنَتْ يرجع إلى نصفها، وإن لم تَرْضَ، وجعلوا هذا مُتَّفَقًا عليها، ثم فَرَّقُوا بين السَّمَنِ، وإِعَادَةِ الصَّنْعَةِ، بأن عَوْدَ السِّمَنِ لا صُنْعَ فيه والصّنْعَةُ عَادَتْ بِصُنْعِها، والْتِزَامِهَا المُؤْنَة، وإلى هذا أشار في الكتاب بقوله: "لأنها زِيَادَةٌ حَصَلَتْ باختيارها" لكن الذي ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغ وآخرون: أن مسألة السِّمَنِ على الوجهين أيضا، وهو الذي أَبْدَاهُ الشَّيْخُ أبو علي على سبِيلِ الاحْتِمَالِ، وهما كالوَجْهَيْنِ فيما إذا هَزُلَتِ الجَارِيَةُ المَغْصُوبَةُ، ثم سَمِنَتْ، هل يُغرَّمُ الغَاصبُ نُقْصَانَ الهُزَالِ، أو تُقَامُ العائدة مَقَامَ الأَوَّلِ؟ فلا فرق إِذًا بين


(١) قال النووي: الأول أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>