للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ففي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ القيمة" أي إن كان الصَّدَاقُ شَيْئاً مُتَقَوّماً، فإن كان مِثْلِيّاً، فالخلاف في الرُّجُوع بِنِصْفِ المثل. وقوله: "فإن منعنا الرجوع جَعَلْنَا الهِبَةَ كالتعجيل" ليس لِتَفْرِيعِ الحُكْمِ على منع الرجوع، وإنما الغَرَضُ التَّنْبِيهُ على مَأْخَذِ القَوْلِ.

" فرع"

حكى أبو سعد المتولي وَجْهَيْنِ فيما إذا وَهَبَتِ الصَّدَاقَ من الزوج على أنه لو طَلَّقَهَا كان ذلك عما يستحق بالطَّلاَقِ.

أحدهما: أنه تَفْسَدُ الهِبَةُ، ويبقى الصَّدَاق على مِلْكِهَا، فهذا طَلَّقَ تَشَطَّرَ.

والثاني: تَصِحُّ الهِبَةُ، ولا رُجُوعَ له [بالطلاق] (١) كما لو عجل الزَّكَاةَ، وقال: هذه زَكَاتِي المُعَجَّلَةُ، وليكن الوَجْهَانِ مَبْنِيَّيْنِ على أن الهِبَةَ المطلقة، هل تمنع الرُّجُوعَ؟ إن قلنا: تمنع، فهذا تَصْرِيحٌ بمقتضى الهِبَةِ، فتصح، ولا رُجُوعَ وإن قلنا: لا تمنع فَسَدَتِ الهِبَةُ بالشرط الفَاسِدِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا) لَوْ وَهَبَتْ مِنْهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَإنْ قُلْنَا: الهِبَةُ لاَ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ فَفِي كَيْفِيَّةِ رُجُوعِهِ بالنِّصْفِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ: (أَحَدُهَا): أَنَّ لَهُ النِّصْفَ البَاقِيَ وَتَنْحَصِرُ هِبَتُهَا في نَصِيبِهَا (وَالثَّانِي): أَنَّهُ يَشِيعُ فَلَهُ نِصْفُ مَا بَقِي وَرَبُعُ قِيمَةِ الجُمْلَةِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ نِصْفِ قِيمَةِ الجُمْلَةِ حِذَاراً مِنَ التَّبْعِيضِ، وَإِنْ قُلْنَا: الهِبَةُ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ فَعَلَى قَوْلٍ انْحَصَرَتِ الهِبَةُ في نَصِيبِهِ فَلاَ رُجُوعَ، وَفِي قَوْلٍ في نَصِيبِهَا فَلَهُ بَاقِي الصَّدَاقِ، وَفِي قَوْلٍ يَشيعُ فَلَهُ نِصفُ البَاقِي.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا وهبت منه نِصْفَ الصَّدَاقِ، ثم طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بني ذلك على ما إذا وَهَبَتِ الكُلَّ، إن قلنا: إن هِبَةَ الكُلِّ لا تمنع الرُّجُوعَ بالنِّصْفِ فهبة البعض أَوْلَى ألا تَمْنَعَ، إلى ما يرجع؟. فيه ثَلاَثَةُ أقوال، كما ذكرنا فيما إذا أَصْدَقَهَا عَبْدَيْنِ، وتَلِفَ أحدهما عندها، ثم طَلَّقَهَا قبل الدخول.

أحدهما: أن له النِّصْفَ الباقي؛ لأنه اسْتَحَقَّ النِّصْفَ بالطلاق، وقد وجده، فَيَأْخُذُهُ، وينحصر هاهنا في نصيبها.

وأظهرهما: أن له نِصْفَ الباقي، وهو الرُّبُعُ، وله مع ذلك رُبُعُ بَدَلِ الجملة؛ لأن الهِبَةَ وَرَدَتْ على مُطْلَقِ النصف، فَيُشِيعُ.


(١) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>