للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أنه يَتَخَيَّرُ، إن شَاءَ أخذ نِصْفَ بَدَلِ الجملة، وترك الباقي لها، وإن شاء أَخَذَ نِصْفَ الباقي وهو الربع مع رُبُعِ بَدَلِ الجملة؛ لأنه لا بدّ من الإشَاعَةِ، وهي تفضي إلى تَبْعِيضِ حَقِّهِ، وهذه الأقوال هي بِعَيْنِهَا الأقوال التي جَرَتْ في الزَّكَاةِ، فيما إذا أَصْدَقَ امْرَأَتَهُ أَرْبَعِينَ شَاةً، فَأَخْرَجَتْ واحدة منها للزَّكَاةِ، ثم طلقها قبل الدخول وإن قلنا: إن هِبَةَ الكُلِّ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فهاهنا ثَلاَثَةُ أقوال أيضاً:

أصحهما: عند صاحب "التهذيب"، وهو المَنْصُوصُ في "المختصر"، وبه قال أبو حنيفة: أنه لا يرجع بشيء أيضاً، وحَقُّهُ هو الذي عَجَّلته.

والثاني: أن الهِبَةَ تَنْزِلُ على خَالِصِ حَقِّهَا، ويرجع الزوج بجميع النِّصْفِ الباقي.

والثالث: ويُحْكَى عن "الإِملاء"، وبه قال المزني: أنه يرجع عليها بِنِصْفِ الباقي عندها، ويُجْعَلُ النِّصْفُ المَوْهُوبُ مَشاعاً فكأنها عَجَّلَتْ نصف حقه، وَوَهَبَتْ منه نِصْفَ حقها الخالص لها.

والقول الثاني تَفْرِيعاً على أن الهِبَةَ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ كالأول تَفْرِيعاً على أنها لا تَمْنَعُ، فيحصل في المسألة خَمْسَةُ أقوال، فلو كانت قد وَهَبَتْ منه الثُّلُثَ، فإن قلنا: الهبَةُ لا تمنع الرُّجُوعَ، فله من الباقي النِّصْفُ على القَوْلِ الأول، ونِصْفُ الباقي ربع (١) بدل المَوْهُوب على الثاني، وَيتَخَيَّرُ بين نِصْفِ الباقي ربع (٢) بَدَلِ الموهوب، وبين نصف بَدَلِ الجملة عَلى الثَّالِث.

وإن قلنا: يمنع، فعلى الأَوَّلِ يرجع بِرُبُع الباقي ليتمَّ له النِّصْفُ، وعلى الثاني يرجع بِنِصْفِ الجملة من البَاقِي، فيحصل علىَ خَمْسَة أَسْدَاسٍ، وعلى الثالث يرجع بنصف الباقي لا غَيْرَ.

وإن كان الصَّدَاق دَيْناً فَأَبْرَأَتْهُ عند نِصْفِهِ، ثم طلقها. قال في "التتمة": إن قلنا: لو أَبْرَأَتْهُ عن الجَمِيعِ يرجع عليها فهاهنا يَسْقُطُ عنه النصف الباقي أيضاً.

وإن قلنا: لا يرجع بشيء، فهاهنا وجهان:

أحدهما: أنه لا يَسْقُطُ عنه شيء، فيكون منا أَبْرَأَتْهُ مَحْسُوباً من حقه، كأنها عَجَّلَتْهُ.

والثاني: يبرأ عن نِصْفِ الباقي.

وإذا أَبْرَأَ المشتري (٣) عن نِصْفِ الثمن، ثم وَجَدَ المشتري بالمَبِيعِ عَيْباً، وأراد


(١) في أ: ونصف.
(٢) في أ: ونصف.
(٣) في ب: زيادة "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>