للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الأداء لأن الحقين متماثلان؛ وقد قال تعالى (١): {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]. قال الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- "وجماع المعروف بين الزوجين الكفُّ عن المكروه وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه من غير إظهار كراهية في تأديته، فأيهما مطل بتأخيره فمَطل الغنِيِّ ظُلْمٌ.

قال الأصحاب رحمهم الله أراد بـ"الكف عن المكروه" الامتناعَ عما يكرهه صاحبه، وبـ"إعفاء صاحب الحقِّ عن المؤنة في طلبه" ألا يحوجه في استيفاء الحق إلى كُلْفَة ومؤنة وبقوله "من غير إظهار كراهية" أن يؤدي الحقَّ راضياً طَلْقَ الوجه. ومن المعاشرة بالمعروف رعاية القَسْم والمقصود الأصلي في عقد الكتاب القول في القسم وفائدته العدل والتحرز عن الإِيذاء الإيحاش بترجيح البعض، وقد يعرض ما يقتضي التفضيل، ثم الزوج المستَحَقُّ عليهَ القَسْم إما حاضر أو مسافر، وللقسم المُستحق مستحق، وكيفية ما يؤدي، وطريق القضاء إذا فات، فَضمَّن هذه الجمل في خمسة فصول: فَصْل: فيمن يستحقه وثان: في زمانه، ومكانه وهو راجع إلى كيفية توفيته، وثالث: في التفاضل، ورابع: في القضاء، وخامس: في المسافرة بالنِّسْوة؛ وعقبها بفصل سادس: في الشقاق بين الزوجين والاختلال الواقع منهما أو من أحدهما في الحقوق الواجبة في النكاح.

"الفصل الأول: فيمن يستحقه"

أما الفصل الأول: فمن له زوجة واحدة، فلا ينبغي أن يعطِّلها بل المستحب أن يبيت عندها ويحصنها، وأدنى الدرجات ألا يخلى كل أربع ليالي عن ليلة، ولا تجب عليه البيتوتة، فإن السُّكْنَى والاستمتاع حقُّه، ولا حرج على الإِنسان في ألا يستوفي حقَّه. وعن أبي حنيفة رحمه الله: أن عليه أن يبيت عندها في كل أربع ليال ليلةً.

ولو كانت له مستولَدَاتٍ أو إماءٌ فلا قَسْمَ لهن بل هو من خصائص النكاح، واحتج له بقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] أشعر ذلك بأنه لا يجب الَعدل في ملْك اليمين والأحب ألاَّ يعطِّلَهُنَّ؛ لئلا يحدث منهن ريبَةٌ وفساد، وأن يسوي بينهن؛ كيلا يحقد بعضهن على بعض، ولو كانت معهن نساء (٢) فلا قَسْمَ بينهن وبين المنكوحات حتى لو بات عند المنكوحات لم يلزمه أن يبيت عندهن، ولو بات عندهن لم يلزمه القضاء للمنكوحات، وإذا كانت تحته زوجتان فصاعداً، فالإِعراض عن جميعهن كالإِعراض عن الواحدة ممن له زوجة واحدة، وعن القاضي


(١) سقط في ب، ز.
(٢) في ب: إماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>