للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل الخُلْع مُجْمَعٌ عليه، وقد اشتمل القرآن على ذكره، قال الله -تعالى-: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]

والسنة رُوِيَ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: "جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: ما أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتِ ابْنِ قَيْسٍ فِي دَينٍ وَلاَ خُلُقٍ إلاَّ أَنِّي أَخَافُ الكُفْر في الإِسلام فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ؟ فَقَالَتْ: نَعَم، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا" (١).


= بقابل العوض بدلاً لا يقبل كخمر ومجهول ومغصوب ونحوها فإنه يفسد الخلع ويجب للزوج مهر المثل إلاَّ إذا كان في خلع الكفار من الخمر ونحوه فإنه قابل للعوض عندهم فيكون الخلع به صحيح كما في أنكحتهم حتى لو حصل إسلام بعد قبض الخمر كله فإنه لا شيء له عليها فإن كان الإِسلام قبل قبضه وجب مهر المثل للتعذر، وفي قبض بعضه قسط مهر المثل وليس لنا خلع بخمر ومغصوب ونحوها يقع الطلاق بسبب ذلك رجعياً ولا مهر إلا في صورة الخلع مع غير الزوجة من أب أو أجنبي على هذا الخمر أو على هذا المغصوب أو على عبده هذا أو على صداقها ولم يصرح بنيابة ولا استقلال أو على عبده زيد هذا وإنما يجب مهر المثل في البدل الفاسد في غير هذا إذا كان البدل مقصوداً، فإن كان غير مقصود كالدم فإنه يقع رجعياً وقلنا يحصل لجهة الزوج ليدخل مالك الزوج غير المكاتب فإن البدل لا يحصل للزوج بل للسيد وقد يسكت عن العبد أو الحر إذا حصل الخلع على ما في ذمته من صداق وغيره وقد يكون البدل رضاعة ولد الزوج ونحو ذلك وجهة الزوج تشمل ذلك كله وقلنا على وجه مخصوص ليشمل ما يعتبر في العاقدين وغير ذلك.
(١) أخرجه البخاري وأبو داود. قوله: ويروى: أنه كان أصدقها تلك الحديقة، فخالعها عليها، هو صريح في رواية أبي داود. قوله: ويقال: إنه أول خلع في الإِسلام، هو في المعرفة لأبي نعيم في آخر حديث، وكذا عند أحمد من حديث سهل بن أبي حثمة، وعند البزار عن عمر. قوله: ويحكى أن ثابتاً كان ضرب زوجته، ولذلك افتدت، هو في رواية أبي داود أيضاً، وهو عند النسائي من رواية الربيع بنت معوذ. قوله: ويروى عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود: أن الخلع طلاق، ويروى عن ابن عمر وابن عباس: أنه فسخ لا ينقص عدداً، وعن ابن خزيمة أنه لا يثبت عن أحد أنه طلاق، وعن ابن المنذر أن الرواية عن عثمان ضعيفة، وأنه ليس في الباب أصح من حديث ابن عباس، أما مذهب عمر: فلا يعرف، وقد اعترف بذلك الرافعي في التذنيب، وأما عثمان: فرواه مالك في الموطإ والشافعي عنه عن هشام عن أبيه عن جمهان، عن أم بكرة الأسلمية أنها اختلعت عن زوجها عبد الله بن خالد بن أسيد، ثم أتيا عثمان في ذلك، فقال: هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئاً فهو ما سميت، وضعفه أحمد بجمهان، وأما علي: فحكاه ابن حزم وقال: إنه لا يصح أيضاً، وهو عند ابن أبي شيبة عن ابن إدريس عن موسى بن مسلم عن مجاهد عن علي قال: لا تكون طلقة بائنة إلا في فدية أو إيلاء، وروى عبد الرزاق عن هشيم عن حجاج عن الحصين الحارثي عن الشعبي: أن علياً قال: إذا أخذ للطلاق ثمناً فهي واحدة، وفيه ابن أبي ليلى وأما الرواية في ذلك عن ابن عمر: فرواها ابن حزم من حديث الليث عن نافع أنه سمع الربيع بنت معوذ: أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان، فجاءت إلى ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>