للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تقول: اخْلَعْنِي بالدَّرَاهم، فيخلعها بالدنانير، أو توكله بالاختلاع على ثوب دفعته إليه، فيختلع على دراهم، فعن القاضي الحسين: أنَّه ينصرف الاختلاع عنها حتى يلغو إن أضاف إليها، ويقع عن الوَكِيل إن أطلق بخلاف ما إذا خالف في القَدر؛ فإنه إذا زاد على ما قَدَّرَتْه، فقد أتى بما أقرت به وزيادة.

والأظْهَرُ: وهو المذكور في "التهذيب": أنَّه تحصل البينونة؛ لما مر في مخالفة القَدْر، ثُمَّ يُنْظَرُ إن أضاف الخُلْع إلى مالها, ولم يقل: وأنا ضامن، فالرجوعُ عليها بمَهْر المثل في أصح القولين، وبالأكثر من مهر المثل، ويدل ما سمت في القول الثاني، وإن قال: وأنا ضامنٌ [أو] لم يضف الَعقْدَ إليها، فلا يَرْجح إلاَّ ببدل ما سمَّت.

الحالة الثانية: إذا أطلَقَتِ التوكيل فقضيته الاختلاع بمهر المثل، فإن نَقَص عنه أو ذَكَر فيه أجلاً، فقد زادها خيراً، وإن زاد على مَهْر المثل، فكما لو قَدَّرَتْ وزاد على المُقَدَّر، والحُكم على ما ذكرنا هناك، لكن لا يجيء هاهنا قول وجوب أكثر الأمْرَيْنِ.

فَرْعٌ: لو اخْتَلَعَ وكيلُ المرأة بخَمْر أو خنزيرٍ حَصَلَتِ البينونة، ولزمها مهر المثل، سواءٌ أطلقت التوكيل أو سمَّت الخمر والخنزير، وقال المزني: لا يصح التوكيل إذا سمَّت الخمر، ولا ينفَذُ الخُلْع من الوكيل، كما لو وكَّل وكيلاً، بأن يبيع أو يشتري بالخمر، وأجاب الأصْحَاب بأن في الخلع معنى التعليق، ومالك الطلاق هو الزوج، فكأنه علَّق الطلاق بقَبُول الخمر؛ فأشْبَه ما إذا خاطبها، فقبِلَتْ، ولو خالع وكيل الزوج على خمر أو خنزير، وكان قَدْ وكَّله بذلك، فقد طرد أبو الفرج الزاز -[رحمه الله]- فيه حكايةَ مَذْهب المزنِّي، وظاهر المَذْهَب فيه كما في الصُّورة السابقة فروع في فتاوى الشيخ الفَرَّاء [منها] (١) أنَّه لمَّا قالت المرأة لوكيلها: احْتَلِعْنِي من زوجي بطلقة واحدة على ألف، فاختلعها بثلاث بأَلْف تحصل البينونة، ويُنْظَر إن أضاف إليها, لا تقع إلاَّ واحدة، وإن لم يُضِفْ لم يقع إلاَّ الثلاث، ولا يجب على المرأة إلاَّ ثلث الألف؛ لأنه لم تحصل مسألتها إلا بثُلُث الألف، وعلى الوكيل بقيَّة الألف، وهذا ليس بواضح، وسيأتي أنَّها لو قالت: طَلِّقْني واحدة بألف، فقال: طلقتُكِ ثلاثاً، تقع الثلاث واحدةً منها بالألف، وفيها أنَّها لو قالت: اختَلِعْني من زوجي بثلاث تطليقات، على ألف فاختلعَها واحدةً على ألف، فإن أضاف إليها لم يقع، وإن لم يضف يقع، وعلى الوكيل ما سمَّاه، وأن الرَّجُل لو قال لوكيله خَالِعْها على ألْف بثلاث تطليقات، فخَالَع بواحدةٍ على ألْف يقع؛ لأنَّه زاد خيراً، وأنَّه لو وكَّل وكيلاً تطليقَ امرأته بألْف وآخر بتطليقها بألفين فأيهما سَبَق، وقع الطلاقُ بما سَمَّى، وإن أوجبا معاً، فقالت: قبِلْتُ منكما، أو


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>