للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهما فنراجِعُه؛ ليعبر عن مقصوده، أو تأخذ بالظاهر إلا أن يفسر فيه احتمالان في "البسيط" (١) والذي أورده صاحب "التهذيب" و"التتمة" أن اللفظ ينصرف إلى المغشوشة، ويقع الطلاق، إذا أعطت ألْفَ درهمٍ مغشوشةٍ، وهل يُسَلَّم له بذلك؟ قال المُتَوَلِّي: يبنى على أن المعاملة بالدراهم المغشوشة، هل تجوز إن لم نجوِّزْها رَدَّ الدراهم، ولزمها مهْر المثل، وإن جوَّزنا سلَّمَتْ له الدراهم، وليعلَّم لذلك قولُه في الكتاب "وَكَذَلِكَ لاَ يُنَزَّلُ عَلَى الدَّرَاهِم المَغْشُوشَةِ" بالواو ويشبه أن يكون ما في الكتاب أظْهَرَ أن يُنَزَّلَ اللفظ على المغشوشة، إذا غَلَبتْ، فليُنَزَّل اللفظ على الناقصة إذا غلبت، والذاهب إليه يمْكِنُه الفَرْق، بين التعليق والإِقرار؛ لأن الإِقرار إخبار عن سابق، والتعليق بالمال قضية معنى المعاوضة، فالحَق في التنزيل على المعتادة بالمعاملات، وإن كان الغالِبُ الدَّرَاهم الخالصةَ، فلا تطلق إلاَّ إذا أعطَتْ قَدْر ما يبلغ نُقْرَتُه ألْفَ درهم؛ لِمَا مرَّ أن لفظ الدراهم للفضة، ولم يوجد عادة صارفة، وعن القاضِي الحُسَيْنَ -رحمه الله- حكايتةُ وَجْه أنَّه لا يقع الطلاق، وإن بلغ القَدْر المذكور كما لو أعطته سبيكةً، وإذا قلنا بالوقوع، فهل يملك الزوج المغشوشَ المدفوعَ إليه؟ حكى أبو الفرج السرخسي فيه وَجْهَيْنِ:

أحدهما: لا؛ لأن المعاملة تُنَزَّلُ على نقد البلد.

والثاني: نَعَمْ؛ لأن قبْضَها اعتبر في إيقاع الطلاق، فكذلك في إفادة الملك، ولكن له الردُّ بسبب العَيْب فإذا رَدَّ، فالرجوع إلى مهْر المثل أو إلى ألف خالصة، فيه قولان، ولك أن تقول: ما ينبغي أن يملك الغشَّ، والصورة هذه بحَالٍ؛ لأن التعليق بإعطاء الدراهم، وهي العوض والدرهم كما مرَّ اسمٌ للقدر المعلوم من الفضة، فإذا بلغ فِضَّة المدفوع الألْفَ، بقي الغشّ شيئاً [مضموماً] (٢) إلى النقرة الَّتي هي العوض؛ فلا وجه لصيرورته ملكاً له، كما إذا ضمت إلى الألف ثوباً (٣).

وأمَّا قوله في الكتاب "وَلَكِنْ يَصِحُّ التَّعَامُلُ عَلَيْهَا ... " إلى آخره قد مرَّ في الزكاة طَرَفٌ مما يتعلق بالدراهم المغشوشة، وذكر صاحب الكتاب الوجهين هناك، وأعدنا المسألة مع زياداتٍ في أول "البَيْع"، والظاهر صحَّة المعاملة بها.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (السَّادِسَةُ): إِذَا قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتنِي عَبْداً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوَصَفَ العَبْدَ بِمَا يَجُوزُ فِيهِ السَّلَمُ فَأَتَتْ بِهِ طُلِّقَتْ وَمَلَكَ الزَّوْجُ العَبْدَ، وَإِن اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ العَبْدِ طُلِّقَتْ بِكُلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْه اسْمُ العَبْدِ مِنْ مَعِيبٍ وَسَلِيمٍ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهَا وَيُرْجَعُ إِلَى مَهْر المِثْلِ


(١) قال النووي: أفقههما: الثاني.
(٢) في ز: مضموناً.
(٣) قال النووي ظاهر كلام القائل بالملك، أنه لا ينظر إلى الغش لحقارته في جنب الفضة، ويكون تابعاً كما سبق في مسألة نعل الدابة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>