للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوكالة، فالزوج يطالِبُ الزوجة بالمال، وإن لم يصرِّح، ونَوَى الوكالة، كان الخُلْع لها، لكن تتعلق العهدة به فيطالبُ بالعوض، ثم هو يرجع على الزوجة، ويجُوز أن يوكِّل الأجنبيُّ الزوجةَ حتَّى تختلع عنه، وحينئدٍ فتتخير الزوجة بين أن تختلع استقلالاً أو بالوكالة وقول الزوجة للأجنبي: سلْ زوجتي تطلقني على كذا درهماً توكيلٌ، سواءٌ قالت عليَّ أو لم تَقُلْ، وقول الأجنبي لها سلي زوجَك يطلقك على كذا يُنْظَرُ فيه، إن لم يقل "عليَّ" لم يكن توكيلاً، حتى إذا اختلعت، كان المال عليها، وإن قال على ألفٍ علَيَّ، كان توكيلاً، حتَّى لو أضافت إلى الأجنبيِّ أو نوته، وجَبَ المالُ على الأجنبي، وقول الأجنبي للأجنبيِّ؛ سَلْ فلاناً يُطَلِّق زوجته على كذا، كقوله للزوجة سلي زوجَك، فيفرق بيْن أن يقُول عليَّ أَوْلاً يقول كذلك، ذكر هذه الصورة صاحب "التهذيب" ونحوه -رحمه الله- ولو اختلع الأجنبيُّ، وأضاف العقْدَ إليها مصرِّحاً بالوكالة، ثم بان أنه كاذِبٌ لم يقَع الطلاق، لأنَّه مربوطٌ بالمال، وهو لم يلتزم، في نفْسِه، وكذا في إضافة الالتزام إليها، فأشبه ما إذا كان الخِطَابُ معها، فلم تقبل، وقوله في الكتاب، "ويعرف ذلك من لفظة ونيته"، يعني أن وفرعه (١) عن الوكالة تارة يكون بلفظة، وتارة يكون بالنية، وإذا لم يتلفظ بالوكالة، ولا نوى ففي "البسيط" و"الوسيط" أن مُطْلَقَه يقع عن الوكالة، والقياس الظاهر أن من اشترى شيئاً، ولم يتلفظ بالوكالة ولا نواها، يقع الشراء له لا للمُوَكل، وقد يُفَرَّق بين البابين (٢)، بأن الأصل وقوع العقد لمن يحصل له فائدته ومنفعته والشراء تحصل فائدته لكل من يَقَع الشراء له، ومباشر العَقْد أَوْلَى بحصول منفعة العقد له من غيره، وفي الاختلاع تعود للفائدة والمنفعة إلى الزوجة وغيرها يبذل المال على سبيل الفداء، فكان صَرْف العقد إلَيْها إذا أمكن أَوْلَى من صرفه إلى غيرها، وقوله: "فَإنْ لَمْ يُصَرِّحْ بالسِّفَارَةِ وَنَوَى النِّيَابَةَ" المراد من السِّفَارة في مثل هذا الموضع النيابةُ ولو لم يعبر اللفظ، واقتصر على الكتابة، فقال: "وإن لم يُصَرِّح بالسِّفَارَةِ وَنَوَاهَا" كان جائزاً أو أحْسَنَ، وأصل السفارة الإِصلاحُ، يقال: سَفَرْتُ بين القوم، أي أصلَحْتُ ثم، سُمِّيَ الرسول سفيراً؛ لأنه يسعى في الإِصلاح، ويبعث لذلك غالباً، وقوله "كَمَا فِي الشِّرَاءِ" يريد به أن الوكيل بالشراء إذا اشترى في الذِّمَّة، ونوى موكّله، ولم يصرِّح بالوكالة يطالبه البائع بالثمن مع الاعتراف بوكالته، وهذا هو الأظهر، وفيه وجْه أنَّه لا يطالب إلا الموكل، فيجوز أن يُعَلَّم قولُه كما في "الشراء" بالواو كذلك، وهذا الخلاف قد مر في موضعه ويمكن أن يجيْء مثله فيما نحن فيه.

فَرْعٌ: قال القاضي أبو الطيِّب في "المجرد": لو قال: بعْ عَبْدَكَ من فلان بكذا وعلى ألف فباعه منْه لم يستحقَّ الألْف على قول أكْثَرِ أصحابنا، وقال الداركي: يحتمل


(١) في ب: فرعه.
(٢) في ز: الثانيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>