للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها من خارج، ثم يتخير في استقبال أي جدارٍ شاء؛ لأنها أجزاء البيت، ويجوز أن يستقبل الباب أيضاً إن كان مردوداً، فإن باب البناء معدود من أجزائه، ألا ترى أنه يدخل في بيعه، وإن كان مفتوحاً نظر في العتبة إن كانت قدر مؤخرة الرحل صحت صلاته، وإن كانت دونها فلا، ومؤخرة الرحل ثلثا ذراع إلى ذراع تقريباً (١).

قال إمام الحرمين: وكأن الأئمة راعوا في اعتبار هذا القدر أن يكون في جلوسه يسامت بمعظم بدنه الشاخص ولكنه يكون في القيام خارجاً بمعظم بدنه عن المسامتة، فليخرج على الخلاف فيما إذا وقف على طرف ونصف بدنه في محاذاة ركن من الكعبة، وليكون قوله: (والعتبة مرتفعة قدر مؤخرة الرحل) معلماً بالواو؛ لأنه مذكور قيداً في الجواز وقد حكى في "البيان" عن الشيخ أبي حامد، وابن الصباغ: أنه يكفي للجواز أن تكون العتبة شاخصة بأي قدر كان وإن قل؛ لأنه استقبل جزءاً من البيت، وكذا قوله (جاز) لأن إمام الحرمين حكى وجهاً آخر أنه لا يكفي أن يكون الشاخص قدر المؤخرة بل يجب أن يكون بقدر قامة المصلي طولاً وعرضاً ليكون مستقبل بجميع بدنه الكعبة، والعتبة لا تبلغ هذا الحد غالباً فلا تصح الصلاة إليها على الوجه.

الحالة الثانية: أن تنهدم الكعبة -حاشاها- ويبقى وضعها عرصة فإن وقف خارجها وصلى إليها جاز؛ لأن المتوجه إلى هواء البيت والحالة هذه يسمى مستقبلاً، وصار كمن صلى على جبل أبي (٢) قبيس والكعبة تحته يجوز لتوجهه إلى هواء البيت، ولو صلى فيها فالحكم فيه كالحكم في الحالة الثالثة وهو: أن يقف على سطحها، فينظر إن لم يكن بين يديه شيء شاخص من نفس الكعبة ففيه وجهان:

أحدهما: -وبه قال أبو حنيفة وابن سريج- يجوز كما لو وقف خارج العرصة متوجهاً إلى هواء البيت.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب أنه لا يجزئه، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ" (٣)، ولأنه والحالة هذه مصل على البيت لا إلى البيت وخص بعضهم نقل الجواز عن ابن سريج بصورة العرصة دون السَّطح، لكن قال إمام الحرمين: لا شك أنه يجزئه في ظهر الكعبة وصرح في "التهذيب" بنقل الجواز عنه في الواقف


(١) في أالطرق.
(٢) في ط بني.
(٣) أخرجه الترمذي (٣٤٦) وابن ماجه (٧٤٦) من حديث ابن عمر وأخرجه ابن ماجه (٧٤٧) من حديث عمر ليس إسناده بذاك القوي، قال وهو أشبه من حديث عمر، وقال أبو حاتم: هما جميعاً واهيان، وقال ابن الجوزي في علله: حديث ابن عمر لا يصح، وخالف في تحقيقه فمال إلى تصحيحه، قاله ابن الملقن في الخلاصة (١/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>