للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبين، ويعود الخلافُ في الواجب عليها يقع الطلاقُ رجعيًّا فيه وجهان، وإن كان الجاري لفْظَ الخلع، فإن أوجبْنَا المال، إذا جَرَى لفظ الطَّلاَق، ففي لفْظ الخُلْع أَولى، وإلاَّ جرى في لفظ الخلع وجهان: بناءً على أن لفْظ الخُلْع هل يقْتَضِي ثبوت المال في "فتاوى القاضي الحُسَيْن"، أنه لو خَالَعَها على مَا لَها في ذمته، أو على ألْف آخر، هو في ذمتها، أو على أن تنفق كل يوم على ولده كذا إلى مدة كذا، فهو فاسدٌ بشَرْط الاتفاق على الولد، وتَحْصُلُ البينونة بمهر المثْل، وأنَّه لو خالعها على ألْف، وعلى حضانها ولده الصغير سنَةً فتزوَّجت في خلال السَّنَة لم يكُنْ للزوج انتزاعُ الولد منْها بتزوجها، لأن الإِجارَة عقْدٌ لازمٌ، وأنها لو قالت إن طَلَّقْتَني أبرأتُكَ عن الصَّدَاقِ، أو فأنْتَ بريْءً منْه فطَلَّق، لا يحصل الإِبْرَاء؛ لأن تعليق الإبْراء لا يصحُّ، ولكن عليها مهْر المثل؛ لأنَّه لم يطلق مجاناً، بل لإِبراء ظن صحته، وأنه لو قالَتِ الزوجة: أبرأتُكَ عن صَدَاقِي، فَطَلِّقْني، بَرَأ الزوج، وهو بالخِيَار إن شاء طلق وإن شاء لم يُطَلِّق، ويمكنه أن يقال: إنها قصدت جعل الإِبْراء عوضاً عن الصَّداق، ولذلك رتبت سؤال الطلاق عليه، فليكن كما لو قالت: طَلقْنِي، وأنتَ بريء عن صداقي، وفي "فتاوى" صاحب "التهذيب" أنه سئل عن امرأة: قالت: لزوْجها (بهر حقي كي در كردن تودارم خويتن ازبربارحزيدم) (١) فقال الرجل (قن مرا اينكر طلاق، أي كنار كردم) (٢) فقال: أن تقبل كلامه بكلامها بحيْثُ يعدُّ جواباً له، والصَّداق معلومٌ، صحَّ الخُلْع، وسقط الصَّداق.

وأنه إن خالعها على ثَوْب هَرَويٍّ، وقبِلَتْ ثم دفعت إليه ثوباً مروياً فرضيه وأراد إمساكه نظرَ على أن الزبيب الأبيض هل يؤخذ في السلم عن الأسود إن قلنا إن كان قد وصفه بالصفات المعتبرة في السلم، فَيُبْنَى. يجُوز ولا يكون استبدال، فكذلك هاهنا، وإن منَعْنا، فلا يجوز الإِمْسَاك هاهنا من غير معاقدة، فإن تعاقدا، وقالت: جعلتُه بدلاً عما عليَّ، وَقَبِلَ الزَّوْج فيُنْنَى على أن الصَّداق مضْمُون ضمان العقد، أو ضمان اليد إن قلْنا: بضمان اليد فيجوز، وإن قلنا: بضَمَان العَقْد؛ فعلى القولَيْن في جواز الاستبدال عن الثمن في الذمة وإن لم يَصِفْه، فالواجب مهْر المثل، فلا يجوز إمساكه من غيْر معاقدة، وأنها لو قالَت: اختلعت نفْسي منْكَ بالصداق الذي في ذمَّتك، وأنكر الزوج وحلف عليه، فلا رجوع لها عليه بالصَّداق، ولو كان له على رجُل دَيْن، فقال: اشتريتُ منْك دارك بذلك، وقبضته وأنْكر الرَّجُل، يجوز له المطالبة بالدين، والفرْقُ أن الخُلْع الذي أقَرَّتْ به يوجب اليأس عن الصداق، ويُسْقطه بالكلية؛ فإن ذمة الزوج إذا بَرِئَتْ من الصداق، لم يتصور عوده، وفي الصورة الأخرى لا يحصل الياس عن الدَّيْن؛ لأن الدار


(١) يعني: بأية صورة أبرئك من حقي؟!.
(٢) جملة فارسية بمعنى: لقد وقع الطلاق، وتخليت عنك.

<<  <  ج: ص:  >  >>