للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركعات كالركوع، ولم يعد الطمأنينة في الركوع وغيره أركاناً، بل جعلها في كل ركن كالجزء منه والهيئة التابعة له، وبه يشعر قوله -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي: "ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا" (١) [ومنهم من جعلها أركانًا مستقلة] (٢) وضم صاحب "التلخيص" إلى الأركان المذكورة استقبال القبلة، واستحسنه القفال وصوبه، ومن فرض نية الخروج والموالاة والصَّلاَة على آل النبي -صلى الله عليه وسلم- ألحقها بالأركان، ومنهم من ضم إلى الأحد عشر التي ذكرها الترتيب في الأفعال، وهكذا أورد صاحب "التهذيب"، ويظهر عده من الأركان على العبارة الثانية (في تفسير الركن، وأما النية) (٢) فقد حكى الشيخ أبو حامد وغيره وجهين في أنها من قبيل الشرائط أو من الأركان.

أحدهما: وهو الأشبه عند صاحب الكتاب: أنها من الشرائط؛ لأن النية تتعلق بالصلاة فتكون خارجة عن الصلاة وإلا لكانت متعلقة بنفسها ولا اقترن إلى نية أخرى.

وأظهرهما: عند الأكثرين: أنها من الأركان لاقترانها بالتكبير وانتظامها مع سائر الأركان، ولا يبعد أن تكون من الصلاة وتتعلق بسائر الأركان ويكون قول الناوي أصلي عبارة بلفظ الصلاة عن سائر الأركان تعبيراً باسم الشيء عن معظمه، وبهذا الطريق سماها المصنف في الصوم ركنًا، وإلا فما الفرق؟ ولك أن تعلم قوله: (وأركانها أحد عشر) بالواو لما حكينا من الاختلات على أن أكثره يرجع إلى التعبيرات وكيفية العد وحظ المعنى لا يختلف، وأبو حنيفة وسائر العلماء -رحمة الله عليهم- يخالفون في بعض الأركان المذكورة، وسنذكر مذهبهم عند تفصيل القول فيها فإن الغرض الآن تزاحم جملته، وإذا ذكرنا مذهبهم تبينت المواضع المحتاجة إلى العلامات من هذا الفصل.

قال الغزالي: وَالأَبْعَاضُ أَرْبَعَة: القُنُوتُ وَالتَّشَهُّدُ الأَوَّلُ وَالقُعُودُ فِيهِ وَالصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ وَعَلَى الآلِ فِي التَّشَهُّدِ الأخِيرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَهَذهِ الأَرْبَعُ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَمَا عدَاهَا فَسُنَنٌ لاَ تُجْبِرُ بِالسُّجُودِ.

قال الرافعي: للصلاة مفروضات ومندوبات. أما المفروضات فهي الأركان والشروط.

وأما المندوبات فقسمان: مندوبات يشرع في تركها سجود السهو، ومندوبات لا يشرع فيها ذلك، والتي تقع في القسم الأول تسمى أبعاضاً، ومنهم من يخصها باسم


(١) أخرجه البخاري (٧٥٧ - ٧٩٣) ومسلم (٣٩٧).
(٢) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>