للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: أنتِ طالقٌ قبْل عيدي الفطْر، والأضحى بشَهْر، فعلى الوجْه الأول: تُطلَّق أول رمضان، وعلى الثاني: لا تُطلَّق (١)، وفي فتاوى القاضي الحُسَيْن -رحمه الله-: أنه لو قال: أنتِ طالقٌ قبل ما بعده رمضان، وأراد المشهور، طُلِّقت في آخر جزء من اليَوْم من رَجَب، وإن أراد اليوم بليلته، ففي آخر جُزْء من أجزاء اليوم التاسع والعشرين من شعبان، وإن أراد، مجرَّد اليوم فقبيل فجر يوم الثلاثين من شعبان، وإن قال: بعْد ما قبله رمضان، وأراد الشهور، يقع عند استهلال ذي الحجة، وأن أراد الأيام، ففي اليوم الثاني من شوَّال، وحكى أبو العباس الرُّويانيُّ -رحمه الله- وجهَيْن، فيما لو قال أنتِ طالقٌ كلَّ يوم:

أحدهما: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-: أنَّها تُطلَّق كلَّ يوم طلقة، حتى يكمل الثلاث.

والثاني: لا تطلَّق إلا واحدة، والمعنى: أنْتِ طالقٌ أبداً (٢)، وأنه لو قال: أنتِ طالقٌ يوماً ويوماً لا, ولم ينوِ شيئاً، وقعت واحدة، وقال: إسماعيل البوشنجي -رحمه الله-: المفهوم من مُطْلَق اللفظ، وقوعُ ثلاث طلقات، يقع آخرها في اليوم الخامس، فإن قال: عنيت طلقةً يثبُتُ حكمها في يوْم دون يوم، أو تقع في يوم دون يوم، قُبلَ.

ولو قال: أنتِ طالقٌ إلى شَهْر، ففي "التتمة" وغيره أنَّه يقع الطلاق بعْد مضيِّ شهر، ويتأبد إلا أن يريد تنجيز الطلاق، وتأقيته، فيقع في الحال ويتأبد، واحْتُجَّ [له] (٣) بما رُوِيَ عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّه سئل عن رجُلٍ قال لامرأته أنتِ طالقٌ إلى سنة، فقال: هي امرأته [سنة]، وبأن هذه اللفظة، كما تحتمل تأجيل الواقع, تحتمل تأجيل الإِيقاع؛ ألا ترى أن القائل يقول إني مسافرٌ إلى شهرين (٤)، يريد بعْد شهر، وإذا ثَبَت الاحتمالان، وجَب الأخذ باليقين وذكر البوشنجي وجهاً آخر احتمالاً: أنَّه يقع (٥) في الحال؛ لأنَّه نجز، وأقَّت كما لو قال إن (٦) بعتُك بكذا إلى شَهْر، وذكر أنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ غداً، أو عبدي حرٌّ بعد غد، يؤمر بالتعيين، وإذا عيَّن الطَّلاق أو العتق تعيَّن في اليوم الذي ذكَره فيه، وأنه لو قال: طالقٌ أمس، وقد تزوَّجها اليوم، كان الحكم كما لو تزوَّجها قبْل الأمس؛ لأن الطلاق لا ينعطف على الماضِي، فلا فَرْق بين أن تكون منكوحَتَه في الماضي أو لا تكون، وأنه لو قال: أنتِ طالقٌ تطليقةً لا تقع عليْك إلاَّ


(١) قال النووي: الصواب الأول، والثاني غلط، ولا أطلق عليه اسم الضعيف، وعجب ممن يخرج مثل هذا أو يحكي ويسكت عليه.
(٢) قال النووي: الأول أصح؛ لأنه السابق إلى الفهم.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: شهر.
(٥) قال النووي: هذا الاحتمال ضعيف.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>