للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة في مسألة الكلام لا تنعقد اليمين الثانية؛ لأنها تَبينُ بقوله: "إن كَلَّمْتُك" فيقع قوله: "فأنتِ طالقٌ" في حال البينونة وتلغو الثالثة والرابعة، وبهذا قال سَهْل الصعلوكي، ووجَّه الأول بأن قوله "إن كلمتك فأنتِ طالقٌ" كلامٌ واحدٌ؛ فلا يُفْصَل بعضُه من بعض.

ولو قال لامرأتيه: إذا حَلَفْتُ بطلاقكما، فأنتما طالقان، وأعاد هذا القَوْل مراراً، فإنْ كان قدْ دخل بهما، طُلِّقَتا ثلاثاً ثلاثاً، وان لم يدْخُل بواحدة منهما، طُلِّقَتا طلقةً طلقةً وبانتا وفي عوْدِ الحَنثِ باليمين الثانية الخلافُ، وان كانت إحداهما مدخولاً بها دون الأُخْرَى فبالمرة الثانية تُطلَّقان جميعاً، وتبين غير المدخول بها، وبالمرة الثالثة لا تُطلَّق واحدة منهما، أما الَّتي بانت فظاهر، وأما الأخرى؛ فلأن شَرْط طلاقها الحَلِفُ بطلاقهما جميعاً، والثانية لا يصحُّ الحلف بطلاقها، فإن نَكَح التي بانت، وحلف بطلاقها وحْدها، طُلِّقت المدخول بها إن راجعها، أو كانَتْ في عدة الرجعة، لأنَّه حَصَل الشرْط، وهو الحَلِف بطلاقها، وهل تُطلَّق هذه الَّتِي جدد نكاحها؟ فيه الخلاف في عَوْد الحَنِث.

ولو قال لامرأتيه: إذا حلفْتُ بطلاقكما، فعَمرَةٌ منْكما طالقٌ، وأعاد ذلك مراراً، لم تطلَّق عمرة؛ لأن طلاقها معلَّق بالحَلِف بطلاقهما، وهذا حلف بطلاقها وحْدها، وكذا لو قال بعْد التعليق الأول: إن دخلتما الدَّار فعَمْرة طالقٌ، فإنما تطلَّق عمرة، إذا حلف بطلاقهما مَعاً؛ إما في يمين واحدةٍ أو في يمينين، وذلك مثْل أن يقْول بعد التعليق الأوَّل: إن دخلْتما الدَّار فأنتما طالقتان أو يعيد التعليق الأول، ويقول للأخرى: إنْ دخلْتِ الدار، فأنتِ طالقٌ.

ولو قال: إِن حلَفْتُ بطلاقكما فإحداكما، طالق، وأعاد ذلك مراراً، لم تطلَّق واحدة منهما، فإن قال بعْد ذلك: إن حلَفْتُ طلاقها فأنتما طالقتان، طُلِّقت بإحداهما بموجب التعليق الأول، وعليه البيان، ولو قال: إن حلَفْتُ بطلاق إحداكما، فأنتما طالقتان، وأعاد مرَّة ثانية، طُلِّقتا جميعاً؛ لأن طلاقهما هاهنا معلَّق بالحلف بطلاق إحداهما ,ولو قال: أيما امرأة لم أحْلِف بطلاقها منْكما، فصاحبتها طالقٌ، قال صاحب "التلخيص" إذا سكت ساعةً يمكنه أن يحلف فيها بطلاقهما طلقتا، قال الشيخ أبو عليٍّ: قد عرضْتُ المسألة على القفَّال، وشارحي "التلخيص" فصوَّبوه، والقياس أن هذه الصيغة لا يَقْتَضِي الفَوْر، وأنه لا يقع الطَّلاق على واحدة منهما بالسكوت إلى أن يتحقَّق اليأس عن الحَلِف بموته، أو موتهما؛ لأنَّ قوله "أيّما امرأة" لَيْس فيه تعرّض للوقت، بخلاف ما إذا قال: "أي" وقت أو"متى" لم أَحْلِفْ" وتابعه الإِمام وغيره على ما ذَكَره واستبعدوا جوابَ صاحب "التلخيص" (١) والله أعلم.


(١) قال في الخادم: هذا الذي نقله عن القفال فيه نظر، فإن الذي رأيته في شرح التلخيص للقفال بعد =

<<  <  ج: ص:  >  >>