للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنْد الإطلاق والاستعمال؛ ولذلك يقال: النكِرَةُ في سِيَاقِ النَّفْي تَعُمُّ (١)، وهذا ما أورده صاحِبُ "التهذيب" وغيره، والله أعلم.

المسألة الثانية: إذا قال: والله، لا أجامعك سنةً إلا مرَّة، فهل يكون مُولياً في الحال؟

فيه قولان: الجديد، واحد قولَي القديم، لا لأنه لا يَلْزمه بالوطء شيء؛ لاستثنائه للوطء مرة، فإذا وطئها نُظِرَ؛ إن بقي من السنة أكثر من أربعة أشهر، فهو مُولٍ من يومئذٍ؛ لحصول الحنث ولزوم الكفارة لو وَطِئ، وإن بقي أربعة أشهر فما دونها، فهو حالفٌ، وليس بمولٍ.

والثاني: أنه يكون مُولِيًا في الحال؛ لأن الوطأة الأولَى، وإن لم يتعلَّق بها الحنث، فهي مُقرِّبة من الحنث، وعلى هذا، فيطالَبْ بعْد مضي مدة الإيلاء، فإن وطئ، فلا شَيْء عليه؛ لأن الوطأة الواحدة مستثناةٌ، وتضرب المدَّة ثانيةً، إن بقي من السَّنة مدَّة الإيلاء وعلى هذا القياس: لو قال: لا أجامعك إلا عَشْر مرات أو عدداً آخر، فعلى الصحيح: لا يكون مُولِياً في الحال، وإنَّما يكون مُولِياً، إذا استوفى ذلك العدد، وبقي من السنة مدَّة الإيلاء، وعلى القَوْل الآخر [يكون] (٢) مُولياً في الحال؛ لأن كل وطأة مقرّبة بعض التقريب، ولو قال: إن أصَبْتُكِ فوالله، لا أصَبْتُك، ففيه طريقان:

أحدهما: إجراء القولين في كونه مُوليًا في الحال؛ لأنه التزم بالوطء الحَلِف بالله سبحانه وتعالى على الامتناع من الوطء، فكان الوطء مُقَرَّبًا من الحنث.

وأصحُّهما: القَطْع بالمنع، والفرق أن في الصورة السابقة عقْدَ اليمين، واستثنى وطأة واحدة، وهاهنا اليمينُ غيْر معقودة في الحال، وإنَّما ينقعد إذا أصابها، وإثبات الإيلاء قبْل انعقاد اليمين بعيدٌ، ويجري الخلاف فيما إذا قال: إن وطئتك، فوالله، لا دَخَلْتُ الدار، ولو قال: لا أجامعك سنَةً إلا يوماً، فهو كما قال إلا مرَّة.

وقوله في الكتاب "لا أجامعك في السنة إلاَّ مرة" وذكر السنة معرفة، وهكذا صَوَّر كثير من الأصحاب، لكن قدْ مرَّ في الطَّلاق أن السنة إذا ذكرت معرَّفَةً، انصرفت إلى السنة العربية، والمقصود ما إذا قال: لا أجامعك إلى سنة أو سنة، كما ذكرنا في افتتاحِ المسألة، وكذلك لفْظ الشَّافعيِّ -رضي الله عنه- في "المختصر"، وبتقدير أن يُعَرِّف الحالف، فيقع النظر أولاً، في أن الباقي من السنة عند اليمين [أو بقي] دون مدة الإيلاء، فلا يكون مُولياً بلا خلاف، وإن بَقِيَ مدة الإيلاء، ففي كونه مُولِياً في الحال


(١) قال النووي: أصحهما: لا كفارة.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>