للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَذَف مجنونًا أو صبيًا أو عبداً أو كافراً، لم يُحدَّ، ويعزر للإيذاء، وتبطل العفة عن الزِّنا بكل وطء يوجب الحدَّ.

ومنه ما إذا وطئ جارية زوجتِهِ أو أَحَدِ أبويه، [أو محرماً له] (١) أو وطئ المرتَهِنُ الجاريةَ المرهونَة، وهو عالم بالتحريم، ويدخل فيه [الإتيان] (٢) في غير المأتَي.

ثم روى صاحب "التهذيب": أنه يبطل حصانة الفاعل دون المفعول؛ لأن الإحْصَان لا يحصل بالتمكين (٣) في الدبر، فكذلك لا تبطل به، ورأى أن تَبْطل حصانتهما جميعاً؛ لوجوب الحد عليهما (٤) جميعاً، وأما الوطء الذي لا يوجب الحدَّ، وهو غير مسوَّغٍ، فللأصحاب -رحمهم الله- في ترتيب صُوَره وبيان أحكامها طرق أشهرها:

أنه يُنْظَرُ؛ أَجَرَى ذلك في مِلْك نكاح أو مِلْك يمين، أو جرى بلا ملك؟

والقسم الأول على ضربَيْن:

أحدهما: ما يحرم حرمة مؤيدة، كوطء المملوكة التي هي أخته أو أمه من الرضاع [أو أخته] (٥) أو عمته من النَّسَب مع العلم بالتحريم، فإن قلنا: إنه يُوجِب الحدَّ، فتبطل الحصانة كالزنا، وإن قلنا لا يوجبه، فوجهان:

أحدهما: لا يبطلها؛ لعدم التحاقها بالزنا.

والثاني: يبطلها؛ لدلالته على قلة مبالاته، بل غشيان المحارم أفْحَشُ من الزنا بالأجنبيات، وهذا أشبه، ونَظْم "التهذيب" يقتضي ترجيحَه، ولو أتى امرأته في غَيْر المأتي، ففي بطلان الحصانة مثْل هذيْن الوجهَيْن:

والضرب الثاني: ما يحرم حرمة غير مؤبَّدةً، وهو نوعان:

أحدهما: ما له حظٌّ من الدوامِ كوطء زوجته المعتدة عن الشبهة وأمته المعتدة أو المزوَّجة أو المرتدَّة أو المجُوسية أو أمَتِه في مدة الاستبراء، فيه وجهان:

أحدهما: أنه تبطل الحصانة؛ لكونه حرامًا مؤكَّدًا.

وأظهرهما: المَنْع؛ لقيام الملك، وعدم تأبد الحرمة، وليس للوُقُوع في مثْله دلالةٌ ظاهرةٌ على قلة المبالاة بالزِّنا.


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في أ: بالتمكن.
(٤) قال النووي: إبطال حصانتهما، هو الراجح، وأي عفة وحرقه لمن مكن من دبره مختارًا عالماً بالتحريم.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>