للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: القطع بالتعدُّد؛ لإختلاف القذفَيْن في الحُكْم؛ فإن أحدهما يَسْقُط حدُّه باللعان دون الآخر، فإن قلْنا بالإتحاد، فلو جاءت الأجنبية طالبةً للحد، فحد لها، سقط (١) الحد واللعان في حقِّ الزوجة إلا أن يكون هُنَاك وَلَدٌ، وأراد نَفْيه، وإن لاَعَنَ عن الزوجة، فيُحَدُّ للأجنبية، وإن عَفَتْ إحداهما، حُدَّ للأخرى، إذا طلبت على القَوْلَين جميعًا. ذكره صاحب "التهذيب" وغيره، ومهما وَجَب حدان لواحد أو لاثنين وَأُقِيمَ أحدُهُما، أمْهِل إلى أن يبرأ جلْدُه ثم يقام الثاني، وقد يعود هذا في الحدود.

وقوله في الكتاب "لأنَّه حجَّةٌ، لا تتَداخَل" يعني به أن العقوبات هي التي يليق بها التداخل، واللعان من جملة الحُجَج المثبتة أو الدافعة، والتداخُلُ بَعِيدٌ عنها.

وقوله "فقد قذفها وأمها بكلمتين، فعليه حدَّان" يجوز أن يعلم بالواو؛ لأن بعضهم أبعد؛ فجعل قوله "يا زانية بنت الزانية" كما إذا قال: أنتِ وأمك زانيتان [حتى] (٢) يكون على الخلاف في تعدّد الحدِّ واتحاده، وعدَّ ذلك من قَذْف الزوجة والأجنبية بكلمةٍ واحدةٍ، وعليه جرى صاحب "التتمة".

وقوله "فإن قلنا: يُقَدَّم حد المقذوف أوَّلاً" يريد به الخلاف في أن الحَدَّيْن إذا أثبَتَا يستوفيا على تَرْتيب القَذْف أم لا؟ فإن قلنا: نَعَم، ففي قوله "يا زانيةُ بنْتَ الزَّانِيَةِ" الوجهان في أنَّه يُقَدَّم حق الأم أم البنت؟

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثُ): إِذَا ادَّعَتِ القَذْفَ فَأَنْكَرَ فَقَامَتِ الحُجَّةُ عَلَى القَذْفِ فَلَهُ أنْ يُلاَعِنَ إِنْ أَظْهَرَ لإنْكَارِهِ تَأوِيلاً وإلاَّ فَوَجْهَانِ* فَإِنْ أَنْشَأَ قَذْفاً فلَهُ اللِّعَانُ وَانْدفَعَ عَنْهُ ذَلِكَ الحَدُّ أَيْضًا إِلاَّ إِذَا كَانَ قَدْ قَالَ: مَا قَذَفْتُ وَمَا زنَيْتُ فَإِنَّ قَذْفَهُ بَعْدَهُ ينَاقِضُ شَهَادَةَ البَرَاءَةِ إِلاَّ إِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ احْتُمِلَ طَرَيَانُ الزِّنَا بَعْدَهَا* وَلَوِ امْتَنَعَا عَنِ اللِّعَانِ فَلَمَّا عُرِّضَا لِلْحَدِّ رَجَعَا إِلَيْهِ جَازَ كَمَا في البَيِّنَةِ* بِخَلاَفِ اليَمِينِ* وَلَوْ حُدَّ الرَّجُلُ فَأَرَادَ أنْ يُلاَعِنَ بَعْدَهُ مُكِّنَ مِنْهُ إِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ وَإِلاَّ فَلاَ فَائِدَةَ لِلِعَانِهِ فَلاَ يُمَكِّنُ.

قَالَ الرَّافِعيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: ادعت المرأة على زَوْجها أنه قَذْفها، فله في الجَوَاب أحوالٌ:

أحدها: إذا سكت، فأقامتْ عليه البينة، فله أن يُلاعَن، وليس السكوت إنكارًا للقذْف، ولا تكذيبًا لبينة في الحقيقة، ولكنه جُعل كالإنكار في قبول البينة، فإذا لاعن قال: أشهد بالله، إني لمن الصادقين فيما أثبتت على من رمى إياها بالزنا.


(١) في ز: يسقط.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>