للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِقِّ، صُدِّق بيمينه، ولم يلزمه إلا التعزير، وإن لم يُعْلَم لها حالة كُفْر أو رِقٍّ، فالقول قولُها مع يمينها في أصح القولين.

والثاني: أن القول قوله بيمينه (١)، ولا يجيء هذا القول في الصورة السابقة، وهي قولها: ما نكحتني أصلاً؛ لأن الزوج إذا قال: قذفْتُكِ وأنتِ مشركةٌ أو أمةٌ، لم يكن مقراً بقذف يوجِبُ الحدَّ، وإذا قال: قذفتك وأنتِ زوجتي، كان مقرًّا بقذف يوجب الحد، لكنه يَدَّعِي ما يتوصَّل به إلى رفع الحد، وهي تنكره، ذكره الشيخ أبو عليٍّ، ولو قال: قَذَفْتُكِ، وأنتِ مجنونةٌ، فهو كما لو قال: وأنتِ أمةٌ، ولو قال: وأنتِ صغيرةٌ وأنْكَرَتْ فالمُصدَّق القاذف بيمينه، ولا يخْفَى أن هذه الصورة لا تختص بالزوجين، وأن الكلام فيما إذا كان كلُّ واحد من الكلامين في محَلِّ الاحتمال، ولو قال لمن قذفه من زوجة وغيرها قذفتك، وكنتُ مجنوناً يوم القذف، وأنكر المقذوف وقوعه في الجنون. فطريقان:

أحدهما: أنه إن عُرِف له جُنُون أو قامت عليه البينة، فقولان في أن المُصدَّق القاذف أو المقذوف؟ والقولان مبنيان عند بعضهم على القولَيْن فيما إذا قَدَّ ملفوفاً بنصفين، واختلف القادُّ ووارث الملفوف في أنه هل كان حيًّا حينئذ، وإن لم يثبت له جنون، فالمُصدَّق المقذوف؛ أخْذاً بأن الظاهر، والغالب السلامة.

والطريق الثاني: أنه، إن ثَبَت له جُنُون، فالمُصدَّق القاذف، وإن لم يَثْبُت فيُصدَّق أيضاً؛ لأن الأصْل براءة الذمة، أو يصدق المقذوف؛ لأن الأصل عدم الجنون؟ فيه قولان، ويخرج من الطريقين ثلاثةُ أقوال: تصديق القاذف مطلقاً، وتصديق المقذوف مطلقاً، والفرق بين أن يُعْهد له جنون؛ فيُصدَّق القاذف أوْ لاَ يُعْهد؛ فيُصدَّق المقذوف، وهو الأصحُّ، ولو قال: قذَفْتُكِ وأنا صبيٌّ، فالصبا كالجنون المعهود، ولو قال: جرى القذف على لساني، وأنا نائم، لم يُقْبَل؛ لبعده، ولو أقام القاذف بَيَّنةً على أن القَذْف كان في الصغر أو الجنون، والمقذوفُ بينةً على أن القَذْف في حالة الكمال، فإن كانت البَيِّنتَان مطلقتين أو مؤرختين بتاريخين [مختلفين] (٢) أو إحداهما مطلقةً، والأخرى مؤرخةً، فلا تعَارُض، وهما قذْفَان، وعليه الحد؛ لِمَا وقع منهما في حالة الكمال، وإن كانتا مُؤَرَّخَتَيْن بتأريخ واحدٍ، فهما متعارضتان، وفي صورة التَّعارُضِ أقوالٌ معروفةٌ.

قال الإِمام -رحمه الله-: ولا يجري هاهنا القسْمة، ولا الوقف، وحكى عن القاضي الحُسَيْن -رحمه الله- قول القرعة، واستبعده، وقال: الوجه القطع بالتهاتر، وحينئذ، فالحكم كما لو لم تكن بيِّنة، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب"، وحيث


(١) في أ: مع يمينه.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>