للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحهما: نعم؛ لانقطاع النكاح الأول (١) والعدة عنه على الظاهر؛ فعلى هذا، لو أتت بولدٍ، لزمان الإمكان منها يلحق بالواطئ، كما يلحق بالزوج الثاني، والله أعلم بالصواب.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابعُ) لَوْ قَالَ: طَلَّقَتْ بَعْدَ الوِلاَدَةِ فَأَنْكرَتْ وَقَالَتْ: بَلْ قَبْلَهَا فَالقَوْلُ قَوْلُهُ سَوَاءْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الوِلاَدَةِ أَوْ أُبْهِمَ* وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الوِلاَدَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلاَقِ فَالقَوْلُ قَوْلُهَا* وَلَوِ ادَّعَتْ تَقَدُّمَ الطَّلاَقِ فَقَالَ: لاَ أَدْرِي فَعَلَيْهِ يَمِينٌ جَازِمَةٌ أَوِ النُّكُولُ* فَإِنْ جَزَمَ الزَّوْجُ فَقَالَتْ: لاَ أَدْرِي فَلَهُ الرجْعَةُ وَلَيْسَ يُقْبَلُ دَعْوَاهَا مَعَ الشَّكِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا ولَدَتِ المرأة، وطلَّقها زوجها ثم اختلف الزوجان، فقال الزوج: طلَّقْتُك بعد الولادة، فأنْتِ في العدَّة، ولي الرجعة، وأبت المرأة فقالت: طلَّقْتَني قَبْل الولادة، وانقضت عدتي بالوَضْع، نُظِرَ؛ إن اتفقا على وقْت الولادة كيوم الجمعة، وقال: طَلَّقْتك يوم السبت، وقالت: بل يوم الخميس، فهو المُصدَّق بيمينه؛ لأن الطلاق بيده، فيُصدَّق في وقته، كما يُصدَّق في أصله؛ ولأن الأصل عدَمُ الطلاق يوم الخميس، وإن اتفقا على وقْت الطلاق، كيوم الجمعة، واختلفا في وقْت الولادة، فقال: وَلَدتُّ يوم الخميس، قالت، بل يوم السبت، فهي المُصدَّقة بيمينها؛ لأن القول في أصْل الولادة قولها، فكذلك في وقْتِها؛ ولأن الأصْل عدم الولادة يوم الخميس، ولو لم يتفقا على وقْت الولادة، ولا وقْت الطلاق، وادعى الزَّوْج تَقدُّم الولادة، وهي تقدِّم الطلاق، فهو المُصدَّق؛ لأن الأصْل بقاء سلطة النكاح، ولو ادعتِ المَرْأة تقدُّم الطلاق، فقال الزوج: لا أدْرِي، لم يُقْنَع (٢) منه بذلك، بل إما أن يَحْلِف يمينًا جازمة على أن الطَّلاق لم يَتقدَّم أو يَنْكُلِ لِتَحْلِف هي؛ لأن الزوج بقوله "لا أدري" منكرًا؛ فتُعْرَض (٣) عليه اليمين، وإن أعاد كلامه الأول جُعِل ناكلاً، فتحلف المرأة ولو لم يُفعل ذلك، لعجز المُدَّعَى عليه في الدعاوى كلِّها عن الدفع بهذا الطريق، وإذا حلَفَتِ المرأة، فلا عدة عليها ولا رجعة للزوج، وإن نَكَلَت، فعليها العدَّة وقال الأصحاب: وليس ذلك قضاء بالنكول، لكن الأصْل هنا بقاء النكاح، وآثاره، فيُعْمَل بهذا الأصْل، إذا لم يَظْهر دافع، وإن جزم الزَّوْج بِتقدُّم الولادة، وقالت هي: لا أدري، فله الرجْعة، فله يقنع منها بقولها "لا أدري" والورع أن لا يُرَجِعَها، وكذا (٤) الحكم لو قالا جميعًا "لا تَدْرِي السابقَ منهما" وليس لها أن تنكح حتى تمضي ثلاثة أقراء (٥).


(١) في ز: كالأول.
(٢) في ز: يضع.
(٣) في ز: فعرض.
(٤) في ز: وهذا.
(٥) تابع فيه الغزالي وحكاه في الذخائر عنه، ثم قال: والذي أورده الشيخ في المهذب أنه لا يحكم بينهما في هذه الصورة لا يدعيان حقًا، ولم يحك عن المذهب سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>