للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَنْع؛ لأنها تمتنع عن التزيُّن، ويجب عَلَى المرأة الإحْداد في عدَّة الوَفَاة، رُوِيَ عن أمِّ عطيَّة أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- (١) - قال: "لاَ تُحَدُّ المَرْأَةُ (٢) فوق ثَلاَثٍ (٣)، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْراً" وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلاَ تَكْتَحِلُ، وَلاَ تَمسُّ طِيباً إِلاَّ إِذَا طهرت نُبْدةً من قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ" وعن أم سَلَمة -رضي الله عنها- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "المُتَوَفَّى عنْهَا زَوْجُهَا لاَ تَلْبَسُ المُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَاب، وَلاَ المشقة وَلاَ الحُلِىَّ وَلاَ تَخْتَضِبُ وَلاَ تَكْتَحِلُ" والعصب: ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمَنِ (٤)، ويقال: هو ما صبغ غزلُه قَبْل أن ينسَج، والنبذة: الشَّيْء اليسير، ويقال: ذهب مالُهُ، وبقي نبذ منه وأَصَابَ الأَرْضَ نبذٌ مِنَ المَطَرِ أيْ شَيء يَسِيرٌ، وأُدْخِلَ فيه الهاء؛ لأنَّه نَوَى القِطْعَة.

وقوله "من قُسْطٍ أو أظفار" وهما نوعان من البخورِ ويقال: القُسْط من عقاقير البحر، والمعنى: "لاَ تَمَسُ طِيباً إلاَّ إذَا طَهُرَت مِنَ الحَيْضِ تَمَسُّ شَيْئاً يَسِيراً مِنْها يقطع الرائحة الكريهة، والممشقة: المصبوغة بالمشق وهو المغرة ويقال: شبه المغرة، وهي الطين الأحمر، وقد تُحَرَّك الغَيْن، وعن عائشة وحفْصَة -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَحِلُّ لامْرَأةٍ تُؤمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْم الآخِرِ أن تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً" (٥) قال الأئمة: إِلَّا على زَوْج مُسْتَثنًى، وقوله "لا يحل" ظاهِرُهُ لا يقتضي إلا الجواز، لكن أجْمعوا على أنه أراد الوُجُوب، وأنه استثنى الواجب من الحَرَام، ولا يجب الإحْداد في عدَّة الرجعة؛ لبقاء أحكام النِّكَاح فيها، وتوقع الرجعة، لكن في رواية أبي ثَوْر عن الشَّافعيِّ -رضي الله عنه- أنَّهُ يُستحَبُّ لها الإحْداد، ومن الأصحاب مَنْ قال الأَوْلَى أن يتحمَّل وتتزيَّن بما يدعو الزَّوْج إلى رجْعَتها، وفي عدَّة البائن إما بالخُلْع أو (٦) استيفاء الطلقات الثلاث قولان:

القديم، وبه قال أبو حنيفة: أنه يَجِبُ الإحداد؛ لأنَّها بائنٌ معتدَّةٌ عنْ نكاح، فأشبهتِ المتوفَّى عنْها زوجُها.

والجديدُ، وبه قال مالك: يُسْتحب، ولا يجب؛ لأنَّها معتدَّة عن طلاق، فأشبهت


(١) الحديث أخرجه البخاري [٥٣٤٢] ومسلم في [٩٣٨] والإيراد لفظ مسلم وأبي داود [٢٣٠٢ - ٢٣٠٣] أقرب.
(٢) في ز: مرأة.
(٣) في ز: ثلث.
(٤) في ز: الثمن.
(٥) متفق عليه.
(أخرجه البخاري ٩/ ٤٨٤ في الطلاق/ باب مراجعة الحائض، حديث ٥٣٣٤ - ٥٣٣٥). (ومسلم ٢/ ١١٢٣ - ١١٢٤ في الطلاق/ باب وجوب الإحداد، حديث ٥٨/ ١٤٨٦ - ١٤٨٧).
(٦) في ز: و.

<<  <  ج: ص:  >  >>