للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزمها الخُروجُ للحج مع المرأة الواحدة، والظاهر هناك أنه لا يلزم، والجواب في "الشامل" وغيره هاهنا: أنه يكفي حضُور المرأة الواحدة، إذا كانت ثقةً، ويجوز أن يُفَرَّق بينهما بالسفر وما فيه من الأخطار، والحكاية عن الأصحاب: أنَّه لا يجوز أن يخلو رجلان بامرأة واحدة، ويجوز أن يخلُوَ رجل بامرأتين أو نسوة، إذا كنَّ ثقاتٍ، وقد يفرق في الاكتفاء بالمرأة الأجنبية دون الرجل الأجنبي بان استحياء المرأة من المرأة أكثر من استحياء الرجُل من الرجل (١) وضبطت هذه الصورة بأنه إذا كان هناك من يُحْتَشَم جانبُه أو يُخَاف بأن يَمْنَع فيما يكاد يَجُرِي، إما بنفسه وإما بالاستعانة بغيره، فيؤمن محذور الخلوة ظاهراً، فلا يحرم؛ وإلى هذا أشار بقوله في الكتاب "أو امرأة يحتشم جانبها"، وهو جواب على الاكتفاء بالمرأة الواحدة، ثم لا يخفى أن مساكنة الزوْج والمَحْرَمِ وَمنْ في معناهُ إنَّما يُفْرض فيما إذا كان في الدار ما يَفْصُل عن سكنى مثلها، فإن لمَ يكن كذلك، فعلى الزوج تخليتها للمعتدة، والانتقال عنها إلى أن تفرغ من العدة، قال الله تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] ثم المساكنة، وإن جازت بسبب المَحْرم، فتبقى الكراهية؛ لأنه لا يُؤمَن النَّظَر.

والموضع الثاني: إذا كان في الدار حُجْرة، وقد أراد أن يَسْكُن في إحداهما، ويُسْكِنها الأخرى، فإن كانَتْ مرافق الحجْرة كالمطبخ المستراح، والبئر (٢) والمرقى إلى السطح في الدار، لم يجُزْ إلا بشرط المَحْرَم؛ لأنَّ التوارد على المرافق يُفْضِي إلى الخَلْوة، وإن كانت المرافق في الحُجْرة، جاز كالحجرتَيْن والدارَيْن المتجاورَتَيْن (٣)، وحكم السفل والعلو حُكم الدار والحجرة، ثم ذكر صاحب "التهذيب" و"التتمة" وغيرهما: أنه يُشْترط أن لا يكون ممر إحداهما على الأخرى، ويغلق ما بينهما من الباب أو يسده، وهو أحسن، ويشهد له ما ذكر الأئمة أنه لو كانت الدارُ واسعةً، ولكن لم يكن فيها إلا بيت واحدٌ، وكان الباقي صفف لم يجز أن يساكنها، وإن كان معها مَحْرمٌ؛ لأنَّها لا تتميز من السُّكُنَى بموضع، فلو قال: أبني بيني وبينها حائلاً، وكان ما يبقى لها سكنى، فله ذلك، ثم إن جَعَل باب ما يسكنه خارجاً عن مسكنها، فلا حاجة إلى المَحْرَم، وإن جعله في مسكنهلالم يجز أن يسكنه إلا بشرط المَحْرَم، أو مَنْ في معناه، ومنهم مَنْ لم يشترط ألا أن تكون ممر إحداهما في الأخرى، واكتفى بأن يكون


(١) قال في الخادم ما حكاه عن الأصحاب من عدم جواز خلوة الرجلين لا يخالف ما ذكره في كتاب الحج وكتاب الصلاة لأن الذي ذكره في الصلاة أن إمامة الرجال هو أولى من إمامة النساء وليس فيه تعرض للخلوة.
(٢) في ز: أكبر.
(٣) ما ذكره في الجواز في الصورتين واشتراط المحرم في الأولى دون الثانية مشكل جداً، أما الأول فلأن المحرم لا يلازمها على الدوام ولا يكون معها في أوقات الحاجات.

<<  <  ج: ص:  >  >>