القول الثاني له: إنه يحرم؛ وذلك لأَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرَّضَاعُ مَا أَثْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ العَظْمَ"، وهذا منتفيان بالاحتقان؛ لأنه لإسهال ما انعقد في الأمعاء، والقول المخالِف للأظهر لِلْمَزَنِيِّ، ومحمد بن الحسن، ودليل هذا القول القياس على ثبوت الإفطار بالحقنة للصائم بجامع أن كُلاًّ واصل إلى الجوف، ورُدّ هذا بإبداء الفارق وهو أن المدار في الإفطار إنما هو لمجرد وصول أي شيء إلى الجوف، ولو غير مغذي، وأما المدار في الرضاع هو إثبات اللحم، وإنشاز العظم، وهما منتفيان في الاحتقان فافترقا. ويشترط في اللبن أن يكون من ثدي المرأة؛ لأنه المحل المعتاد لخروج اللبن، أو ما يقوم مقام الثدي من منفتح في محله المعتاد، ولو على غير صورته، أو في محل آخر يمكن خروج اللبن منه، ويكون على صورة الثدي، فلو خرج اللبن منه وهو في محله المعتاد حرّم قياساً على نقض الطهارة بمس الذكر ببطن أصبع زائد مسامت للأصل، وقياساً على الآلة المنفتحة في النقض بالخارج منها وعدمه، ولو ارتضع طفلان من ثدي في غير محله الذي لا يمكن خروج اللبن منه فلا حرمة بينهما كما لو ارتضعا من غيره، ولو قطع ثدي من امرأة حية، وبه لبن شربه طفلان على خمس مرات، أو مرة مكملة لهم قبل القطع، أو شرب منه أحدهما قبل القطع، والآخر بعده حرّم ذلك اللبن؛ لأن الثدي صار كالوعاء له، وقد انفصل منها وهي حية.