للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشبههما: وهو الأصح عند ابن الصبَّاغ والقاضي الرُّويانيُّ: أنه كالانتقال إلى مسافة القَصْر؛ لانقطاع مصلحة التعليم والتأديب وكأن الخلافَ مبنيٌّ على أن المرعيَّ في الانتقال إلى مسافة القصْر حفْظُ النَّسبَ، [أ] وأن يتأدَّب الولَدُ ويَتعلَّم، فَمَنْ قال بالأول، فارق بين الانتقالين، فإنَّ القوافل والأخبار فيما دُونَ مسافة القَصْر تتواصل، ولا يخشى اندراسُ النَّسَب ومن قال بالثاني مسو بين الانتقالين في فوات التأديب، ولو اختلفا، فقال الأب: أريد النقلة، وقالت الأم: بل تريد التجارة، فهو أعرف بنيته، فيُصدَّق، ولكن بيمين أو بغَيْر يمينٍ؟ فيه وجهان:

أحدهما: بغير يمين. ويحكى عن القفَّال.

وأصحُّهما: بيمين؛ لأنه يُبْطِلُ حقِّها من الحضانة، فإنْ نَكَلَ، حلفَتْ وأمسكت الولد، وسائر العصبات من المحارم، إذا لم يكن أبٌ كالجَدِّ، والأخُ والعمُّ بمثابة الأب في انتزاع الولد ونقْله، إذا أرادوا الانتقال احتياطاً للنسب، وكذا من ليس بمَحْرَمٍ كابن العم، إذا كان الوَلَدُ ذكراً، وأما الأنْثَى فلا تسلم إليه، قال في "التتمة": إذا لم تَبْلُغ حَدّاً يُشْتَهَى مثلُها، وفي "الشامل": أنه إن كانت له بنْتٌ ترافقه، فتُسلَّم إلى بنته، والمَحْرَم الذي لا عُصُوبة له، كالخالِ، والعمِّ لْلأُمً، ليس له نقْلُ الوَلَد، إذا كان ينتقل؛ لأنه لا حقَّ له في النسب.

وإنَّما يثبت حقُّ النقل للأب وغيره، إذا استجمع الصفاتِ المعتبرة في الحضانة، وذكر في "التتمة": أنه لو كان للوَلَدِ جَدٌّ مقيمٌ، فأراد الأب الانتقال، كان له أن ينقل الوَلَد، ولم تُمْنَع إقامةَ الحَدِّ منه، وكذا حكم الجَدِّ عنْد عَدَمِ الأب، ولا تمنعه منْه إقامةُ الأخ والعَمِّ، لكن، لو لم يكن أبٌ ولا جدٌّ، وأراد الأخ الانتقالَ، وهناك ابن أخ أو عم مقيمانِ فليس له انتزاع الوَلَدِ من الأم ونَقْلُه، وفُرَّقَ بأن كلَّ واحدٍ من الأب والجدِّ أصلٌ في النسب، فلا يعتني به كعنايتهما والحواشي يقرب بعضهم من بعض، فالمقيم منْهم يعتني بحِفْظِه والله أعلم.

فَرْعٌ: يشبه أن [يدام] (١) حق الأم إذا كان كل واحد من الأبوين يُسَافِرُ سَفَرَ حاجةٍ، واختلف بهما المَقْصد والطريق، ويجوز أن يقال: يكون مع الذي مقْصِدَه أقْرَبُ أو مُدَّةُ سَفَرِه أَقْصَرُ (٢)، والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الفَصْلُ الثَّانِي في اجْتِمَاعِ الحَوَاضِنِ فَإِنْ تَدَافَعُوا، فَالحَضَانَةُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَة، وَإِنْ تَزَاحَمُوا، فَالنَّظَرُ في أَطْرَافٍ الأوَّلُ: فِي الكُسْوَةِ وَالجَدِيدُ أَنَّ الأُمَّ أَوْلَى،


(١) في أ: يقام.
(٢) قال النووي: المختار أنه يدام مع الأم، وهو مقتضى كلام الأصحاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>