للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمتِ المجنيُّ عليه، واندمل قطْع يده، فقطع المجنيُّ عليه إحدَى يدَي الجاني، فمات، فله أن يأْخُذ دية اليدِ الأخْرَى؛ لأنه استحقَّ قصاصها، وقد فات القصاصُ بما لا ضمان عليه فيه؛ فأشبه ما إذا سقَطَتْ بآفة.

لو قَطَعَ إحْدَى يدي الجاني، وعفا عن الأخرى على ديتها، وقبضها، ثم انتقضتْ جراحة المجنيِّ عليه، ومات بها، فلا قصاص لورثته؛ لأنه مات من جراحتين؛ إحداهما معفوٌّ عنها، ولا شيء لهم من الدية؛ لأنه قد استوفَى نصف الدية، واليد المقابلة بالنصْف.

عن ابن اللَّبَّان: رجل تحته امرأةٌ، ولهما ابنان، زيدٌ وَعَمْروٌ، قتل أحدُهما الأبَ والآخرُ الأمَّ، ولم يدر قاتل الأب أيهما، وقاتل الأم أيهما، فإن قُتِلَتِ الأم أولاً، فعلى تقدير أن يكون زيدٌ قاتلَها فللزوج رُبْع المال، وباقيها لعَمْروٍ، فإذا قتل عمروٌ الأب، ورثَ زيد جميعَ مالِ الأبِ، وورثَ ربْعَ القصاص، وربْعَ مال الأم اللَّذَيْنِ استحقَّهما الأب، فيسقط عنه القصاصُ، ويثبت له على عَمْرو قصاصُ الأبِ أو جميعُ ديته؟ وعلى تقدير أن يكون عمرو قاتلَ الأم ينعكس الأمرُ، ويسقط القصاص عن عمْرو، وله على زيْدٍ القصاصُ أو جميعُ الدية، فيُدْفَعُ إلى كلِّ واحد منهما ربع مال الأمِّ؛ لأنه يستحقُّه بيقينٍ، ويوقَفُ نصْف مالها حتى يُعْلَمَ قاتلُ الأبِ منْهما، فيُدْفَع إليه، ويوقف جميع مال [الأب] (١) حتى يُعْرَف قاتل الأمِّ، فيدفع إليه، ثم يكون لقاتل الأبِ على قاتل الأم [ثلاثةُ أرباعِ دية الأمِّ، ولقاتل الأمِّ على قاتِل الأَب] (٢) القصاصُ على دَية الأب؟ فإن تقاصَّا، بَقِيَ لقاتلِ الأمِّ خمسةُ أثمان دية الأَبِ، وإن قُتِلَ الأبُ أولاً، فيُصْرَفَ إلى كلِّ واحدٍ منهما ثمَنُ مال الأبِ، ويوقَف الباقِي حتَّى يُعْلَم قاتل الأم منْهما، فيُدْفَع إليه، ويوقَفُ جميع مال الأمِّ، حتى يُعْرَف قاتل الأب، فيُدْفَع إليه، ولو قَتَلَ أحدُهما الأبَ، والآخر الأمَّ كما صوَّرنا، وللأبوين ابنٌ ثالثٌ، فيُصْرَف إلى كلِّ واحدٍ من القاتلَين نصفُ ثمن مالِ الأبِ، إلى الثالثِ نصْفُ ماله، ويوقَفُ ثلاثة أثمانه؛ ليظهر قاتل الأم، فيصْرَف إليه، [ويصرف إلى الثالث أيضاً نصْفُ مال الأمِّ، ويوقف نصْفُه؛ ليظهر قاتل الأب، فيُصْرَفُ إليه،] (٣) وللثالث على قاتل الأب نصْف دية الأب، ويجوز أن يَدْفَع إليه ذلك من نصْف مالِ الأمِّ الموقوفِ له، وله علىَ قاتِلِ الأمِّ، إن عفا عن القصاص نصْفُ دية الأم، ويجوز أن يَدْفَع إليه ثلاثة أثمان مالِ الأب الموقُوف له، ووُجِّه بأن الحاكِمَ يَعْلَم ثبوت حقِّ الثالث على صاحب المالِ الموقوف، وإن لم يعرْفه بعينه، [فهو] كغائب وجَبَ عليه حقٌّ يباع ماله فيه.


(١) في أ: الأم.
(٢) سقط من: ز.
(٣) سقط من: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>