للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اليمين وما برئ (١) من جراحةِ فلانٍ، حتى مات منها، واعترض عليه بوجهين:

أحدهما: أنه إذا ادعَى البُرْء (٢) من الجراحة، فقد اعترف بها، فكَيْف يحْلِف المدَّعِي.

والثاني: [أنه] (٣) قد سبق أن الجانِيَ والوليَّ إذا اختلفا في الاندمال، وقد مضَى زمانٌ يُمْكن فيه الاندمال، فالقولُ قول الجاني على الظاهر، فلم يُجْعَل ههنا القوْل قولَ المجنيِّ عليه، ويحلف عليه.

وأجيب (٤) عن الأوَّل: بأن دعوى البرء من الجراحة تقتضي الاعترافَ بالجراحة في نفسها, لا الاعتراف بجراحة نَفْسه، ويجوز أن يريد أن الجراحةَ التي ينسبها إليَّ كان قد برئ منها، ثم مات، ويكون غرضُه من ذلك إبطالِ اللَّوْث.

وعن الثاني بوجوه، فعن أبي إسحاق أن المسألة مفروضةٌ فيما إذا كان للمدَّعي بينة على أنه لم يزل ضمناً متألماً، حتى مات أو اعترف المدَّعَى عليه بذلك لكنه ادعَى أنه مات بسبب حدثٍ، فيحلف المدعي، ويُصدَّق؛ لأن الظاهر معه، وقيل: إنها مفروضةٌ فيما إذا اختلفا في أنه هل مضَتْ مدة يُمْكِن فيها الاندمال، فالقولُ قول الوليِّ؛ لأن الأصل أنها لم تمض، وقيل: إن صورة تصْديق الجاني ما إذا لم يكُنْ هناك لَوْث، فأما إذا وُجِدَ اللوث، فيصدق الوليُّ كما يجعل اليمين في جانبه احتياطًا للدم.

وفي الفصْل مسائلُ:

إحداها: يُستحَبُّ للقاضي أن يحذِّر المدعِيَ، إذا أراد أن يحْلِف، ويعظَهُ، ويقول: اتَّق الله تعالى، ولا تحْلِف إلاَّ عن تحقُّق، ويقرأ عليه: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران: ٧٧] الآية.

والقول في التغليظ في اليمين بالزَّمان والمكان واللَّفظ منه ما مرَّ في اللعان، ومنه ما هو مؤخرٌ إلى الدعاوَى والبينات.

الثانية: هل يُشْترط أن تكون متواليةً؟ (٥) فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأن للموالاة وقعاً في النفُوس وأثرًا في الزجْر والردْع.

وأظهرهما، وهو الذي أورده أكثرهم: أنها لا تُشْترط؛ لأن الأيمان من جنْس


(١) في ز: فما يرى.
(٢) في ز: أكبر.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: وأجب.
(٥) وعلة الوجه الثاني أن الموالاة لها أثر في الزجر والردع وهذا هو الأشبه في اللعان وفرق الأول بينهما بأن اللعان أولى بالاحتياط لانه تتعلق به العقوبة البدنية ويختل به النسب وتشيع الفاحشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>