للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتبعيَّة أحد الوالدَيْن حكْميٌّ، والظاهرُ الأول، وإن قلْنا: لا تصح ردة السكران، فلو قُتِل، تعلَّق بقتله القصاصُ والضمانُ، وفي وجْه: لا يجب القصاص للشبهة، وتجب الدية، ويحكَى هذا عن أبي الحُسَيْن بن القَطَّان، ويجوز أن يُعْلَم؛ لما بيَّنَّا قولُه في الكتاب: "إما بفِعْلِ" لما نقله الإِمام عن شَيْخه بالواو، ولفظ "الصبي" في قوله "دون الصبي" بالحاء، [وكذلك] قوله "كالصاحي" وقوله "في قول" بالواو للطريقة القاطعة.

" فَرْعٌ"

لو ارتد صاحياً، ثم سَكَر، فأسْلَم، حكى القاضي ابن كج: القَطْع [بأنَّه] (١) لا يكون ذلك إسلاماً، والقياسُ جعْلُه على الخلافِ السَّابِق.

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رِدَّتِهِ فَقَالَ: كَذَبا لَمْ يُسْمَعْ، وَلَوْ قَالَ: كُنْتُ مُكْرِهاً فَإِنْ ظَهَرَ مَخَايِلُ الإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَالأَسِيرِ، وَإِلاَّ فَلاَ يُقْبَلُ، وَلَوْ نَقَلَ الشَّاهِدُ لَفْظُهُ فَقَالَ: صَدَقَ لَكِنِّيَ كُنْتُ مُكْرِهاً قُبِلَ إِذْ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبُ الصَّادِقِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا شَهِدَ بِالرِّدَّةِ فَإِنَّ الإِكْرَاهَ يَنْفِي الرِّدَّةِ دُونَ اللَّفْظِ، وَلاَ يَنْبَغِي أن تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ عَلَى الرِّدَّةِ مُطْلِقاُ دُونَ التَّفْصِيلِ لاِخْتِلاَفِ المَذَاهِبِ فِي التَّكْفِيرِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصْل مفرَّع على أن المؤْمِن إذا أُكْرِه عَلَى أن يتكلَّم بكلمة الكُفْر، فتكلَّم بها، لا يُحْكَم بردته، حتى لا تبين زوجَتُه ويرثه ورثته إذا مات؛ قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] وقد ذكرنا في أول الجنايات أنَّه يباح له التلفُّظ بكلمة الكفْر بسبب الإكراه، وأن الأصحَّ أنه لا يجبُ، وأن الأفضل أن يثبت، ولا يتكلَّم بها.

إذا عُرِفَ ذلك، فهل تقبل الشهادة على الردَّة مطلقاً، أمْ لا بُدَّ من التفصيل ذكر (٢) الإِمام تخريجَه، على الخلاف في أن الشهادةَ على البَيْع وسائرِ العقُود، هل تُسْمَع مطلقةً، أم يجبُ التفصيل والتعرُّض للشرائط؟ فعَلَى قوْلٍ: لا بد من التفصيل؛ لأن مذاهب العلمَاء فيما يوجِبُ التكفير مختلفةٌ، والحُكْمْ بالردة عظيمُ الوَقْع فيُحْتَاطُ له، والظاهرُ قبول الشهادة المطْلقة والقَضَاءُ بها، وعلى هذا، فلو شهد شاهدان على ردَّته، فقال: كَذَبَا، أو ما ارْتَدَدتُّ، قُبِلَتْ شهادتهما، ولم يُغْنِه التكذيبُ، بل عليه أن يأتي بما يَصِير به الكافرُ مسلماً، ولا ينفعه ذلك في بينونة زوْجته، وكذا الحُكْم، لو اشترطنا التفصيل، ففَصَّلا، وكذَّبهما المشهودُ عليه، وليس ذلك كما لو شَهِدَ شهودٌ على إقراره


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: نقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>