للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له، وهذا يخالف ما حَكَيْنا عن "التهذيب" فيما إذا قال: دينكم حقٌّ، وأنه إذا قال لمليٍّ: أَسْلِم، فقال: أسلمتُ، أو أنا مسلمٌ، لم يكن مقرّاً بالإسلام؛ لأنه قد سَمَّى دينَه الذي هو عليه إسلاماً، ولو قال في الجواب: أنا مسلمٌ مثلكم، كان مقرّاً بالإسلام، ولو قيل لمعطِّل: أسْلِم، فقال: أنا مسلِمٌ أو من المسلمين، كان مقرّاً بالإسلام؛ لأنه لا دِينَ له حتى يسميه إسلاماً، وقد يتوقف في هذا.

قال الغَزَالِيُّ: (فأَمَّا وَلَدُ المُرْتدِّ) فَإِنْ عَلَّقَ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَمُسْلِمٌ، وَبَعْدَ الرِّدَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: (أحَدُهَا) أنَّهُ مُسْلِمٌ لِبَقَاءِ عُلْقَةِ الإِسْلاَمِ (وَالثَّانِي) أنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ (وَالثَّالِثُ): أَنَّهُ مُرْتَدٌّ، وَأَمَّا وَلَدُ المُعاهَدَ إِذَا تَرَكَهُ عِنْدَنَا فَنُقِرُّهُ بِجِزْيَةٍ، أَوْ يُلْحَقُ بِالمَأْمَنِ مَهْمَا بَلَغَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: ولد المرتدِّ المنفصل أو المنعَقِد قبل الردَّة محكومٌ له بالإسلام، حتى لو ارتدَّت المرأة الحامل، لم يُحْكَم بردة الولَد؛ لأنه قد حكلم بإسلامه تبعاً، والإِسلامُ يعلو، فلا يحكم بكفره تبعاً، فإذا بلغ، وأعْرَب بالكفْر، كان مرتدّاً بنفسه، وإن حدَث الولدُ بعد الردة، فإن كان أحد الأبوَيْن مسلماً، والآخرُ مُرتدّاً، فالولدُ مسلمٌ بلا خلاف، وإن كانا مرتدَّيْن، ففيه قولان، وفيما فيه القولان طريقان:

أحدهما: أن أحد القولَيْن، أنه يُحْكم له بالإسلام أيضاً؛ لبقاء عُلْقة الإسلام في الأبوَيْنِ؛ لأن المرتدَّ يجبر على الإسلام، ولا تُؤْخَذ منه الجزْية، ولا تعْقَد معه الهدنة، ويُؤْمَر بقضاء الصلوات التي مَرَّ عليه أوقاتها في الكُفْر، ويُغرَّم ما يتلفه، وكل ذلك من علائق الإسلام، وإذا بقيتْ فيهما علقة الإسلام، غَلَب في الولد حكمه.

والثاني: أنه كافر أصليٌّ، أما كونُهُ كافراً، فلتولده من كافرَين، وأما كونه أصليّاً؛ فلأنه يباشر الردة، حتى يُجْعَل مرتداً، ويغلَّظ عليه، وقطَع أصحابُ هذا الطريق بأنه ليس بمرتدٍّ.

والثاني: أن أحد القولين أنه كافرٌ أصليٌّ؛ لما ذكرنا.

والثاني: أنه مرتدٌّ تبعاً للأبوين، كما أن [ولد] (١) المسلمَيْن مسلمٌ، وولد الكافرَين الأصليَّيْن كافرٌ، أصليٌّ، وقطع أصحاب هذا الطريق بأنَّه لا يحكم [له] بالإِسلام، ويخرج من الطريقين ثلاثةُ أقوالٍ على ما ذكرها صاحبُ الكتاب.


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>