للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِّهِ فَفِيهِ خِلاَفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكنْ مُمَاطِلاً قُطِعَ، وَلاَ يُقْطَعُ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى المَسْرُوقِ مِنْهُ بِالبَعْضِيَّةِ، وَفِي الزَّوْجَةِ خِلاَفٌ، فَإنْ قُلْنَا: تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ فَيُقْطَعُ الزَّوْجُ، وَإِنْ قُلْنَا: لاَ فَفِي الزَّوْجِ خِلاَفٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الاتِّحَادِ العُرْفِيِّ، وَإِنْ قُلْنَا: لاَ يُقْطَعُ فَفِي عَبْدِ الزَّوْجِ وَجْهَانِ، وَلاَ شَكَّ في أَنَّ وَلَدَ الزَّوْجِ يُقْطَعُ إِذْ يُقْطَعُ وَلَدُ الأَبِ وَهُوَ الأَخُ، وَمِن الشُّبْهَةِ المُؤَثِّرَةِ ظَنُّ السَّارِقِ مِلْكَ المَسْرُوقِ أَوْ مِلْكَ الحِرْزِ أَوْ كوْنَ المَسْرُوقِ مِلْكَ أَبِيهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصْل مسائل:

إحداها: إذا سرق مستحِقٌّ الدَّيْن من مال المدْيُون، فعن نصَّ الشافعيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-[أَنَّه] (١) لا يُقْطَعُ، وبإطلاقه أخذ بعْضُهم فيما حكاه القاضي ابن كج؛ لأن له شبهةً فيه.

والأظهر: أن يفَصَّل؛ إن أخْذه لا على قَصْد استيفاءِ الحقِّ، فيقْطَع، وكذا لو قصد استيفاءه، والمديون غير جاحدٍ، ولا مماطلٍ، وإن كان جاحداً أو مماطلاً، فلا يُقْطَع؛ لأنه ممكن (٢) من أخذه، وهل يُفْرَق بين أن يأخُذ من جنْس حقه أو من غير جنْسه؟ حكَى الإِمام فيه طريقَيْن:

أظهرهما: أنه لا فَرْق.

والثاني: تخريجُه (٣) على الخلاف في أنَّه، هلْ يحلُّ له أن يأخُذ غير الجنْس، إذا ظَفِر به، ولو أخذ زيادة على قَدْر حَقِّه، لم يجب القطع أيضاً على الصحيح؛ لأنه إذا تمكَّن من الدخول والأخْذِ، لم يكن المال محرَّزاً منه، وفيه وجهٌ أنه إذا بلغتِ الزيادة نصاباً؛ وكانت مستقلةً، وجب القطْع، ويجوز أن يُعلَم لفظ "الخلاف" من قوله "ففيه خلاف" بالواو لأحد الطريقين، وقوله، في غير المماطل "قُطع" بالواو للوجه المطلق.

[المسألة] (٤) الثانية: من يستحِقُّ النفقة بالبعْضية على المسرُوق منه، لا يُقْطَع بسرقة ماله، وذلك كالابن يَسْرق مال أحد الأبوين أو الأجْداد والجدَّات، وبالعكس، لمَا بين الأصُول والفُرُوع من الاتحاد، وأنَّ مالَ كلِّ واحد من النوعين مرصدٌ لحاجة الآخر، ومن حاجته أن لا يُقْطَع يده بسرقة ذلك المال، وليس القطْع كحدِّ الزنا، حيث افترق الحالُ بين أن يَزْنِي الابن بجارية الأب، وبين أن يزني الأب بجارية الابن، لما مر في النكاح، وفي "شرح المستعمل" لأبي محمَّد الإصطخريِّ من أصحابنا: أن عند مالك: يقطع الولدُ بسرقة مال الأبوين، بخلاف العكس، فيمكن أن يُعلَم لذلك قوله "ولا يُقْطَع


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: متمكن.
(٣) في ز: تخرجه.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>