للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغزوةُ ذاتِ الرقاعِ (١) في الرابِعَة، وغزوةُ الخَندَقِ (٢) في الخامسة، وغزوةُ بَنِي النَّضِير (٣)


= شعب في الجبل وقال لهم: (احْمُوا لَنا ظُهُورَنَا) وأمرهم إلاَّ يبرحوا مكانهم- خالفوا أمر الرسول، وانتهت المعركة بخذلان المسلمين، وكسرت رباعية النبي -صلى الله عليه وسلم- وشج في وجهه.
(١) هذه الغزوة اختلف فيها متى كانت، واختلف في سبب تسميتها بذلك. فعند ابن إسحاق أنها بعد بني النضير وقبل الخندق سنة أربع، قال ابن إسحاق: أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد غزوة بني النضير شهر ربيع وبعض جمادى -يعني من سنته- وغزا نجداً يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، حتى نزل نخلاً وهي غزوة ذات الرقاع. وعند ابن سعد وابن حبّان أنها كانت في المحرم سنة خمس، وأما أبو معشر فجزم بأنها كانت بعد بني قريظة والخندق. وأما موسى بن عقبة فجزم بتقديم وقوع غزوة ذات الرقاع، لكن تردد في وقتها فقال: لا ندري كانت قبل بدر أو بعدها أو قبل أحد أو بعدها، وهذا التردد لا حاصل له، بل الذي ينبغي الجزم به أنها بعد غزوة بني قريظة، لأنه تقدم أن صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شرعت، وقد ثبت وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع فدل على تأخرها بعد الخندق.
سميت ذات الرقاع لما لفوا في أرجلهم من الخرق، وأهل المغازي ذكروا في تسميتها بذلك أموراً غير هذا، قال ابن هشام وغيره: سميت بذلك لأنهم رقعوا فيها راياتهم، وقيل: بشجر بذلك الموضع يقال له ذات الرقاع، وقيل: بل الأرض التي كانوا نزلوا بها كانت ذات ألوان تشبه الرقاع، وقيل: لأن خيلهم كان بها سواد وبياض قاله ابن حبان، وقال الواقدي: سميت بجبل هناك فيه بقع، وهذا لعله مستند ابن حبان ويكون قد تصحف جبل نجيل.
(٢) غزوة الخندق: وفي شوال سنة خمس من الهجرة خرجت قريش، وغطفان في عشرة آلاف مقاتل بعد أن دفعهم نفر من اليهود إلى ذلك. وما أن علم الرسول بخروجهم حتى ضرب الخندق على المدينة بمشورة سلمان الفارسي، وأقبلت قريش، ومن تبعها من كنانة وأهل تهامة حتى نزلت بمجتمع الأسيال، ونزلت غطفان، ومن تبعهم بجانب أحد. وخرج الرسول -عليه السلام- في ثلاثة آلاف من المسلمين فجعل ظهره إلى سهل سلع، وضرب هنالك عسكره. والخندق بينه، وبين القوم وانضم بنو قريظة إلى جيش الأحلاف. فعظم بذلك البلاء على المسلمين. وبينما المسلمون على ذلك إذا بالخلاف يدب بين جيش الكفار بوساطة نعيم بن مسعود الغطفاني. وتهب عاصفة شديدة فتقتلع الخيام، وتقلب قدور الطعام، وتهدم المعسكر فيرتحلون جميعًا بغيظهم لم ينالوا خيراً، ويكفي الله المؤمنين شر القتال.
(٣) غزوة بني النضير: ربيع الأول سنة ٤ هـ: أما بنو النضير فالسبب في إجلائهم يرجع إلى أن النبي صلوات الله عليه خرج إليهم في جماعة من أصحابه يستعينهم في دية ذينك الرجلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري بعد أن نجا في حادثة بئر معونة ثأرًا لنفسه ولأصحابه من المسلمين، وهو لا يعلم بما معهما من عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقالوا نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت ثم خلا بعضهم إلى بعض، وائتمروا على قتله فعلا عمرو بن جحاش بن كعب سطح الجدار الذي جلس إلى جانبه النبي -عليه السلام- ليرميه بصخرة تطحنه طحنًا فأتي رسول الله صلوات الله عليه الخبر من السماء فقام، وقفل راجعًا إلى المدينة، وتبعه أصحابه بعد أن انتظروا عوده فلم يعد -لهذا سار إليهم المسلمون، وحاصروهم ست ليال، وهم ممتنعون بحصونهم فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقطع نخيلهم وتحريقها فلما رأوا ذلك- ويئسوا من معونة عبد الله بن أبي وأصحابه، وبقية إخوانهم اليهود سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجليهم، ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل =

<<  <  ج: ص:  >  >>