للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لا يَجُوز لاسْتِغْنَائِهِ عن أخذ حَقِّ الغَيْرِ.

والأَصحُّ: وهو المذكور في الكتابِ -أَنَّهُ يَجُوزُ لإطْلاَقِ الأَخْبَارِ والآثَارِ الوَارِدَةِ في الباب، وكل من أخذ يَأْخُذُ بقدر كفَايَتِهِ، ويحتمل تَفَاوُتُ الرَّغْبَة والزهادة، كما يحتمل تَفَاوُتُ المشاهدين في السَّفَرِ لِلْحَاجَةِ.

قال في "التَّهْذِيبِ": ولهم التَّزَوُّدُ بِقَطْع المَسَافَةِ بين أيديهم، ولو أَكَلَ واحِدٌ فوق الحَاجَةِ، فقد حكى القَاضي الرُّوَيانِيُّ عن النصِّ أَنَّهُ يُؤَدّي ثمنه إلى المَغْنَمِ، وإذا كانت معه دَابَّتانِ فَصَاعداً، فله أن يَأْخُذَ العَلَفَ لهما.

وفيه وجه: أَنَّهُ لا يَأْخُذُ إِلاَّ لواحدةٍ كما لا يهم إِلاَّ لِفَرَسٍ واحد، ولو أخذ بَعْضُ الغَانِمِينَ فَوْقَ الحاجةِ، وأضاف به غَانِمًا آخر، أو غانمين، فلا بَأْسَ به، وليس فيه إِلاَّ أَنَّهُ تَوَلَّى الطَّبْخَ والإِصْلاَحَ للطعام الذي يحتاج إليهما وتحمّل التعب، وليس له أن يُضِيفَ به غير الغَانِمِينَ، فإن فعل فعلى الآكل الضَّمَانُ، والمُضِيفُ كَمَنْ يُقَدِّمُ الطَّعَامَ المَغْصُوبَ إلى الضَّيْفِ فيأكله، فينظرُ أهو عَالِمٌ بالحَالِ أَوْ جَاهِلٌ.

والحُكْمُ على ما ذكرنا في "الغَصْبِ".

ولو أَتْلَفَ بَعْضُ الغانمين من طَعَامِ الغَنِيمَةِ شَيْئًا كان كما لو أَتْلَفَ مَالاً آخر فَيُرَدُّ الضَّمَانُ إلى المَغْنَمِ؛ لأَنَّهُ لم يستعمله في الوجه المسوغ شَرْعًا، وما يأخذه لا يملكه بالأَخْذِ، ولكن أُبِيحَ له الأَكْلُ والأَخْذُ كالضَّيْفِ، ذكره الإِمَامُ وغيره.

ولو لَحِقَ الجُنْد مُدَدٌ بعد انْقِضَاءِ القِتَالِ وحِيَازَةِ الغَنِيمَةِ هل لهم التَّبَسُّطُ في أَطْعِمَتِهَا، أطلق الإِمَامُ، وصاحِبُ الكتاب فيه وجهين:

وَجْهُ الجواز: الحاجةُ لِحُضُورِهِ في دار الحرب التي هي مَظَنَّةُ عزةِ الطَّعَامِ.

وأصحهما: المنع؛ لأنَّهُ معهم كَغَيْرِ الضيف مع الضيف.

ولم يُورِدْ "صاحِبُ التهذيب" سوى وجه المنع، وهو مُوَافقٌ لما ذكرنا في "قِسْمَةِ الغَنَائِم" أَنَّ مَنْ لَحِقَ الجُنْدَ في دَارِ الحَرْب بعد حِيَازَةِ الغَنِيمَةِ لا يشاركهم في الغَنِيمَةِ، وإن لَحِقَ قَبلَ الحِيَازَةِ، فَأصَحُّ الوجهين أَنَّ الجَوَابَ كذلك.

ومن دَخَلَ من الغانمين دَارَ الإسْلاَمِ وقد فضل مما أَخَذَهُ شيء، ففي وُجُوبِ رَدِّ الفَاضِلِ إلى المَغْنَمِ طريقان:

أحدهما: أَنَّ فيه قولين:

أصحهما: وهو الذي نَقَلَهُ المُزَنِيُّ أنَّهُ يَجِبُ لِزَوَالِ الحَاجَةِ وكون المَأْخُوذ مُتَعَلَّقَ حَقِّ الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>