للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لا يجب؛ لأنَّهُ أَخَذَهُ وهو مُحْتَاجٌ إليه، فَأشْبَهَ الصَّيْدَ والحَطَبَ.

والثاني: وبه قال الشيخ أبو مُحَمَّدٍ: أَنَّ الكَبِيرَ الذي له قِيمَةٌ مَرْدُودٌ لا مَحَالَة، والخِلاَف في القليلِ الذي لا يُبَالَى به كَكِسَرِ الخُبْزِ، وبَقِيَّةِ التِّبْن في المَخَالِي، وَرَجَّحَ مُعْظَمُ الأَصْحَاب الطَّرِيقَ الأَوَّلَ، والذي أَوْرَدَهُ في الكتاب الثاني، وجعل الخِلاَفَ وجهين.

والمشهور القولان، ويْحْصُلُ من الطَّرِيقَيْنِ عند الاخْتِصَارِ ثلاثة أقوالٍ.

ثالثها: الفَرْقُ، ويُحْكَى الفَرْقُ عن مَالِكٍ، وأحمد، وعن أبي حنيفة أنَّهُ إن كان ذلك قبل القِسْمَةِ رَدَّهُ إلى المَغْنَمِ، وإن كان بعدما بَاعَهُ، وتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، وإذا أَوْجَبْنَا رَدَّ الفَاضِلِ، فإن لم تُقَسَّمِ الغنيمة بعد رده إلى المغنم، وإن قُسِّمَت رَدَّهُ إلى الإِمام، ثُمَّ إن أمكن تَفْرِيقُهُ كما فُرّقَتِ الغَنِيمَةُ، فذاك وإلاَّ ليعرف الغانمين نزَارَةَ ذلك المِقْدَارِ.

وعن الصيدلاني: أَنَّهُ يُجْعَلُ في سَهْمِ المَصَالِحِ.

الفَصْلُ الثَّالِثُ

في مكان التبسُّطِ وهو دَارُ الحَرْب التي يَعِزُّ فيها الأَطْعِمَةُ على المُسْلِمِينَ، فإذا انتَهَوْا إلى عُمْرَانِ دَارِ الإِسْلاَمِ، وتَمَكَّنُوا من الشِّرَاءِ أَمْسَكُوا, ولو خرجوا عن دَارِ الحَرْبِ، ولم ينتهوا إلى عُمْرَانِ دَارِ الإسْلاَمِ، فوجهان:

أشبههما -وبه أجاب الرّوَيانِيُّ: جواز التَّبَسُّطِ؛ لبقاء الحاجة الدَّاعِيَةِ إليه، فإنهم لا يَجِدُونَ من يَشْتَرُونَ منه ولا يُصَادِفُونَ (١) سُوقًا.

والثاني: المَنْعُ؛ لأن مَظِنَّةَ الحَاجَةِ دَارُ الحرب، فَيُنَاطُ الحُكمُ به، وعلى العَكْسِ لو وَجَدُوا سُوقًا في دَارِ الحَرْبِ، وتَمَكَّنُوا من الشِّرَاء فقد ذكر صَاحِبُ الكتاب في جَوَازِ التَّبَسُّطِ وَجْهَيْنِ لانْعِكَاسِ التوجيهين.

ورأى الإمَامُ القَطْعَ بالجَوَازِ والحالة هذه، وقال: لم أَرَ أحداً يمنع التَّبَسُّطَ بهذا السَّبَبِ، ونَزَّلُوَا دَارَ الحرب في أَمْرِ الطعام منزلة السَّفَرِ في الرُّخَصِ، فإن الرُّخَصَ وإن أثبتت كمشاق السفر، فالمترفَّه الذي لا كُلْفَةَ عليه يُشَارِكُ فيها المشقوق عيله، وذكر أنه لو كان لِجَمَاعَةٍ من الكُفَّارِ معنا مُهَادَنَةٌ، وكانوا لا يَمْتَنِعُونَ مِنَ المُبَايَعَةِ وَالمُشَارَاةِ مع الذين يَطْوُقُونَهُمْ من المسلمين، فالأظهر وُجُوبُ الكَفِّ عن أَطْعِمَةِ المَغْنَم، وإن لم تكن دِيَارُ المُهَادِنِينَ معزية (٢) إلى دَارِ الإسْلاَمِ والبلاد التي يَقْطُنُهَا أهل الذِّمَّةِ أو العَهْدِ، وهي في قَبْضَةِ المسلمين بِمَثَابَةِ دَارِ الإِسْلاَمِ فيما نحن فيه للمتمكِّنِ من الشراء منهم.


(١) في ز: يجدون.
(٢) في الروضة: مضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>