للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَبْدَى الإِمام احتمالين آخرين:

أحدهما: أن تُوَقَفَ الجَارِيةُ إلى أن تَلِدَ، ثم تُلْقَى في الغنيمة.

والثاني: أن تُلْقَى في المَغْنَم، ويجوز القِسْمَةُ، وإن كانت حَامِلاً وهو الأَظْهَرُ، إذا جعلنا القِسْمَةَ إِفْرازًا وعَبَّرَ [معبرون] (١) عما ذكرنا من الخِلاَفِ في القِسْمَةِ بأن قالوا: هل تُقَوَّمُ هذه الجَارَيةُ عليه، أو تُتْرَكُ في المَغْنَمِ، وتُقَسَّمُ بين الغانمين؟ فيه طريقان قال أكثرهم: يُبْنَى على ثُبُوتِ الاسْتيلاَدِ [وعدمه] (٢)، فإن أَثْبَتْنَا الاستيلاَدَ أَوْجَبْنَا القِيمَةَ، وإلا فلا.

وعن أبي إِسْحَاقَ: أنها تُقَوَّمُ عليه، سواء أَثْبَتْنَاهُ أو لم نثبته؛ لأنه بالإِحْبَالِ منع من البيع والقِسْمَةِ. هذا حكم المُوسِرِ.

وأما المُعْسِرُ فينظر إن كان الجُنْدُ مَحْصُورِينَ، أو غَيْرَ محصورين وأفرد الإِمَامُ الجَارِيَةَ لِطَائِفَةٍ منهم، ففي ثُبُوتِ الاستيلاد في حِصَّتِهِ الخِلاَف المذكور في ثُبُوتِهِ في حِصَّةِ المُوسِرِ، فإن (٣) أثبتناه فلا سِرَايَةَ هاهنا، وإن كان غَيْرَ مَحْصُورِينَ، ولم تفرز الجارية، فلا يُحْكَمْ بالاسْتِيلاَدِ في الحال، فإن وقعت بالآخرة في حِصَّةِ الوَاطِئِ ثبت الاسْتِيلاَدُ حينئذ، وان صار بعضها له ثَبَتَ في ذلك البَعْضُ -ذكره صاحب "التهذيب" وغيره. ومنها الوَلَدُ حُرٌّ ونَسِيبٌ وبه قال أحمد، خِلاَفًا لأبي حَنيِفَةَ، حيث قال: بقي النَّسَب وَالحُرَّيَّة.

لنا؛ إنه مالك بحِصَّتِهِ فيها في الحال، فَأشْبَهَ أَحَدَ الشريكين يَطَأُ الجَارِيةَ المشتركة، أو غير مالك، ولكنَ له شُبْهَةُ المِلْكِ، وحق التملك فليكن وَطؤهُ كَوَطْءِ الأب جَارِيَةَ الابْنِ، وهل يَجِبُ عليه قِيمَةُ الوَلَدِ؟

فيه خِلاَفٌ مَبنِيٌّ عندنا على أن الجَارِيةَ هل تُقَوَّمُ عليه؟.

إن قلنا: نعم -لم يَلْزَمهُ قِيمَةُ الوَلَدِ؛ لأنها في مِلْكِهِ، حين وضعت الولد.

وإن قلنا: لا -لَزِمْتُهُ؛ لأنه منع من رقّه بِوَطْئِهِ، وشبهه مُشَبِّهُونَ بالخلاف في وُجُوب قِيمَةِ الولد إذا وَطِئَ أَحَدُ الشريكين الجَارَيةِ المشتركة، وهو مُوسِرٌ، ثم منهم من بَنَى الَخِلاَفَ فيها على أن المِلْكَ يَحْصُلُ لِلْمُسْتَوْلِدِ قبل (٤) العَلُوق، أو يَنْتَقِلُ إليه مع العلوق أو بعده، وهذا أَصْلٌ سَبَقَ، وقد ذكر مثله في اسْتِيلاَدِ الأَب جَارِيَةَ الابْنِ، ثم حُكْمُ قِيمَةِ الوَلَدِ حُكْمُ المَهْرِ، وقيمة الجارية وقد بَيَّنَّاه، هذا إذا كانَ الوَاطِئُ مُوسِرًا. وثبت الاسْتِيلاَدُ في جَمِيعِ الجَارَيةِ.


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: وإذا.
(٤) في ز: بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>