للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أَبِي إسْحَاقَ فيما رَوَاهُ القاضي ابن كَجٍّ: القَطْعُ بهِ وَحَكَى الإِمام بَدَلَ هذا قَوْلاً عن القديم أَنَّهُ يَجِبُ العَوْدُ إليهم، أو بَذْلُ المال.

قال صَاحِبُ "البَيَانِ": والذي يقتضي المَذْهَبُ أَنَّ المَالَ المَبْعُوثَ إليهم اسْتِحْبَابًا، أو وُجُوباً لا يَمْلِكُونهُ؛ لأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍ، فهو كالمَأْخُوذِ قَهْرًا، وإنْ اشترى منهم [شيئاً] (١) لينفذ الثَّمن إليهم، أو استقرض، فإنْ كان طَائِعًا، فعليه الوَفَاءُ، وإِنْ كان مُكْرَهاً، ففيه ثَلاثةُ طُرُقٍ:

أظهرها: ويحكى عن النَّصِّ أن العَقْدَ بَاطِلٌ ويَلْزَمُهُ رَدَّ العين، كما لو أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا على الشِّرَاء, وذلك لأَنَّهُ أخذَ منهم بِعَقْدٍ، وعَقْدُ المسلمين مع الكُفَّار كَعَقْدِ المُسْلِم مع المُسْلِمِ.

والثاني: أَنَّ فيه قَوْلَيْنِ: الجديد: البُطْلاَنُ.

والقديم: أنه بالخِيَارِ بين أنْ يَرُدَّ العَيْنَ، وبين أن يَبْعَثَ إليهم [بالثمن] (٢) ويجيز العقد، وهذا لأنا إذا جَوَّزْنَا وَقْفَ العُقُودِ بملك المُكْرَهِ على البيع إجازته.

والثالث: القَطْعُ بِصِحَّةِ العَقْدِ، ولزوم الثَّمَنِ؛ لأنَّ المُعَامَلاَتِ الجَارِيَةَ مع المُشْرِكِينَ يتَسَاهَلُ فِيهَا.

قَالَ الرُّوَيانِيُّ: ولو لم يَجْرِ لَفظٌ من أَلْفَاظِ البَيْعِ، بل قَالُوا: خُذْهَا وابْعَثْ إلينا كذا من المَالِ، فَقَالَ: نعم، فهو كما لو اشْتَرَى مُكْرَهًا. ولو دَفَعُوا إليه شَيْئًا، ليبيعه لَهُمْ في دَارِ الإِسْلاَمِ، ويبعث بِثَمَنِهِ، فهو وَكِيلٌ لهم، يَعْمَلُ بما يَعمل الوَكِيلُ.

وقَوْلُهُ في الكتاب: "ولو أَمَّنَهُمْ وَأمَّنُوهُ بشرط ألاَّ يخرج من دارهم لزمه الخُرُوجُ مَهْما قدر" المَقْصُودُ منهَ المَوْضِعُ الذي يَجِبُ الهجرة، وتحرم الإِقَامَةُ.

وقوله: "يكفر وقوعه ..... " إلى آخره معناه: أن الحَلِفَ لا يُرَخّصُ في الإقَامَةِ، وإنْ كَانَ الخُرُوجُ يَلْزَمُه الكَفَّارَةُ، ويوقع الطَّلاَقَ والعِتَاقَ، حيث يحكم بانْعِقَادِ اليَمِينِ، وقد فَصَّلْنَاهُ. وقولُهُ: "حيث بذل المسلم" في بعض النُّسُخِ: "حيث يبتذل" وهما صَحِيحانِ. وقوله: "عند الخروِج لا يَغْتَالُهُمْ إن أَمَّنَهُمْ" قوله: "إن أمنهم" غيرُ محتاج إِليه على المَذْهَبِ الظَّاهرِ، بل إذا أمَّنُوهُ، فعليه أن يؤَمِّنَهُمْ.

وعن الشيخ أَبي حَامِدٍ وغيرِه: أن تحليفهمِ على ألاَّ يَخْرُجَ، وإنْ كانَ مُكْرَهًا [أَمَانٌ منهم إياه] (٣) وقولُهُ: "فله قَتْلُهُمْ ودَفْعُهُمْ دون غَيْرِهِم" أي: قتلهم دَفْعًا، ولا [يتعرض


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>