للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يمنعهم، وإنْ خرجوا بغير (١) إذْنِهِ، ومنعهم فلم يَمْتَنِعُوا. جَازَ قَتْلُهُمْ، ولم يجز التَّعَرُّضُ له، هذا إذا شَرَطْنَا (٢) في المُبَارَزَةِ الأَمَان.

أَمَّا إذَا لم يُشْتَرَطْ، ولكن اطردت عَادَةُ المُبَارَزَةِ بالأَمَانِ، فهل هو كالمَشْرُوطِ؟ فيه وَجْهَانِ: الذي أوْرَدَهُ الرُّوَيانِيُّ: "في جَمْعِ الجَوَامِعِ" أنه كالمَشْرُوط، ولو لم يَجْرِ شَرْطٌ، ولمْ يَطَّرِدْ عَادَةً، جاز للمسلمين قَتْلُ الكَافِرِ.

"فرع": إِذا أثخن المُسْلِمُ الكَافِرَ، فهل يَجُوزُ قَتْلُهُ أم (٣) يترك؟ نقل ابْنُ كَجٍّ فيه وَجْهَيْنِ، وينبغي أن يُقَالَ: إن شَرَطَ الأَمَانَ إلى انْقِضَاءِ القِتَالِ، فيجوزُ قتله، ولو شرط ألاَّ يتَعَرَّضَ للمثخن فيجبُ الوَفَاءُ بالشَّرْطِ.

قال الغَزَالِيُّ: وَيتِمُّ النَّظَرُ فِي مُشَارَطَاتِ الكُفَّارِ بِثَلاَثِ مَسَائِلَ: (الأُولَى) إِذَا دَلَّ عِلْجٌ عَلَى قَلْعَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ جَارِيَةً فِيهَا صَحَّتِ المُشَارَطَة لِلحَاجَةِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ جَعَالَةٌ مَجْهُولَة الجعل بَلِ الجُعْلُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَلاَ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ* وَلاَ يَصِحُّ هَذَا مَعَ المُسْلِمِ (و) وَإنْ أتَمَّ الدَّلالَةُ* ثُمَّ الجَارِيَةُ تُسَلَّمُ إِلَى العَلْجِ إِنْ ظَفِرْنَا بِهَا* فَإِنْ لَمْ نَفْتَحِ القَلْعَة لِعَجْزٍ أَوْ تَجَاوَزْنَاهَا مَعَ القُدْرَةِ فَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَيْنَا وَإِنْ أَتَمَّ الدَّلالَةَ إِلاَّ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الفَتْحِ بِعَلاَمَتِهِ* وَلَوْ فَتَحَهَا طَائِفَةٌ أُخْرَى إِذْ سَمِعُوا العَلاَمَةَ فَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمْ إِذْ لَمْ يَجْرِ الشَّرْطُ مَعَهُمْ* وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيةٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُ* وَكَذلِكَ إِنْ كَانَتْ قَدْ مَاتَتْ قَبْلَ المُعَاقَدَةِ* وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ فَعَلَيْنَا البَدَل إِمَّا أُجْرَةُ المِثْلِ أَوْ قِيمَةُ الجَارِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الجُعْلَ المُعَيَّنَ يُضْمَنُ ضَمَانَ العَقْدِ أَوْ ضَمَانَ اليَدِ كَالصَّدَاقِ* وَإنْ مَاتَتْ قَبْلَ الظَّفَرِ وَبَعْدَ العَقْدِ فَفِي وُجُوبِ البَدَلِ قَوْلاَنِ* وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَجَبَ البَدَلُ وَلاَ سَبِيلَ إِلَى تَسْلِيمِهَا إِلَى كَافِرٍ وَإِنْ شَرَطْنَا لِزَعِيمِ القَلْعَةِ أَمَانَ أهْلِهِ وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِهِ لَمْ نُسَلِّمْهَا إِلَى العِلْجِ بِبَدَلٍ يَبْذُلُهُ فَصُلْحُنَا مَعَ الزَّعِيمِ بَاطِلٌ لَكِنْ نَرُدُّهُ إِلَى المَأْمَنِ حَتَّى نَسْتَأْنِفَ القِتَالَ لأنَّهُ صُلْحٌ مَنَعَ الوَفَاءَ بِمَا وَجَبَ بِشَرْطٍ قَبْلَهُ* وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَنَا شَيْءٌ مِنَ القَلْعَةِ إِلاَّ تِلْكَ الجَارِيَة فَفِي وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَجْهَانِ:

قال الرَّافِعِيُّ: لِما تكلَم في شرط الأَمان لِلكُفَّارِ في المُبَارَزَةِ وغيرها عقبه بمسائل تتعلق بهذا المعنى أيضاً فهي ثلاث:

إحداهما: مَسْأَلَةُ العِلْجِ، والعِلْجُ الكافر الغَلِيظُ الشَّدِيدُ، سُمِّيَ به؛ لأنَّه يَدْفَعُ بِقُوَّتِهِ


(١) في ز: من غير.
(٢) في أ: شرط.
(٣) في أ: أو.

<<  <  ج: ص:  >  >>