للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكره ذَبْحُ السَّمَكِ، لكنَ لو كانَ كبيراً بَقَاؤُهُ، فالمُسْتَحَبْ ذَبْحُهُ إِرَاحَةً له، أو تَرْكُهُ حتى يَمُوتَ حَتْف أَنْفِهِ؟

فيه وَجْهَان مَنْقُولاَنِ عن "الحاوي"، والأَوَّلُ هو جَوَابُ الشيخ أبِي حَامِدٍ.

ولا ينبغي أن يَقْطَعَ فِلْقَةً من السَّمَكِ وهي حَيَّةٌ؛ لم فيه من التَّعْذِيب، ولو فَعَلَ ففي حِلِّهَا وَجْهَان:

أحدُهمَا: المَنْعُ، ويحكى عن ابن أبي هُرَيْرَةَ، كما لو قَطَعَ عُضْواً من غَيْرِهَا، واحتجَّ له بقولهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ، فَهُوَ مَيِّتٌ" (١).

وأصحُّهما: الحِلُّ؛ لأن المُبَانَ كَالمَيِّتِ، ومَيْتَةُ هذا الحيوانِ (٢) حَلاَلٌ.

وهل يَحِلُّ ابْتِلاعُ السَّمَكَةِ حَيَّةً، ويذكر أنَّهُ يَنْفَعُ من بعض العِلَلِ؟ فيه وَجْهَانِ:

أظهرهُمَا: وهو المَذْكُورُ في الكتابِ، وبه قال ابن القَاصِّ: نعم (٣) لأنَّهُ ليس في ابْتِلاَعِهَا أَكْثَرُ من قَتْلِهَا، وأنَّهُ جائزٌ.

والثاني: لا، وبه قال الشَّيْخُ أبو حامِدٍ؛ لما فيه من التَّعْذِيبِ، وأيضاً فلما في جَوْفِها.

والثاني: مَا لا تَحِلُّ مَيْتَتُهُ، وهو إما مَقْدُورٌ عليه [أو مُتَنَفِّرٌ مُتَوحِّشٌ، فهو قسمان:

الأول: المَقْدُورُ عليه] (٤) ولا يَحِلُّ إلا بالذَّبْحِ في الحَلْقِ أَوِ اللَّبةِ، والكَلاَمُ فيه مُؤَخَّرٌ إلى "الضَّحَايَا" وإن كان بهذا الكتاب أَلْيَقَ، ولاَ فَرْقَ بين ما هو إِنْسِيٌّ في الأصل، وبين الوَحْشِيِّ إذا اسْتَأْنَسَ، وحَصَلَ الظَّفَرُ به.

والثاني: المُتَوَحِّشُ كالصَّيْدِ، فجميعُ أَجْزَائِهِ تُذْبَحُ ما دَامَ على تَوَحُّشِهِ، حتى إذَا رَمَى إليه سَهْماً، أو أَرْسَلَ حَاجَةً، فَأصَابَ شَيْئاً من بَدَنِهِ، وماتَ حَلَّ؛ لما رُوي عن أبي ثَعْلَبَةِ الخشنيِّ -رضي الله عنه- أنَّهُ قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لِي كِلاَبٌ مُكَلّبَةٌ (٥)، فَأفْتِنِي في صَيْدِهَا. فقال: "كُلْ مَا أَمْسَكَنَ عَلَيْكَ" قلت: ذَكِيٌّ وغيرُ ذَكِيٌّ؟ قال: "ذَكِيٌّ وغَيْرُ ذَكِيٍّ" (٦).

والإجماعُ مُنْعَقِدٌ عليه، والحَيَوَانُ الإنْسِيُّ إذا تَوَحَّشُ، كما أنه إذا نَدَّ بعير، أو


(١) تقدم في النجاسات.
(٢) الترجيح من عند الشيخ من غير أن يميزه.
(٣) في ز: أنه يحل.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: معلمة.
(٦) رواه أبو داود [٢٨٥٢] رواه النسائي [٧/ ١٩٣ - ١٩٤] باللفظ المذكور وزيادة قال: وإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>