للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذبْحِ، ويشبه أَنْ يجيءَ خلافٌ في أن اللحمَ يُصْرف إلى مصارِفِ الضحايَا أو ينفك عن حُكْم الضحية وتعود مِلْكاً كما سنذكر في مِثْله -إن شاء الله تعالى- فيما إذا ذبح الأَجْنبي يَوْمَ النَّحْرِ، وقُلْنا: إنه لا يقعُ ضحيةً ثم ما حصل من الأَرْشِ ومن اللحم إن عاد مِلْكاً له، يَشْتَرِي به أضحيةً يذبحها يومَ النحْرِ، ولو كان قد نذر أضحيةً ثُمَّ عيَّن واحدةً عما في ذِمَّته، فذبحها أجنبيٌّ قبل يوم النحر.

قال في "التهذيب": يأْخُذُ اللحمَ ونقصان الذبح ويملك الكل والأصل في ذمته. وإنْ ذبح الأَجْنَبيّ الأُضْحيةَ المعيَّنةَ ابتداءً في وقْتِ التضحية، فهذه مَسْألةُ الكتاب وفي معناها ذبحُ الهدْي المعيَّن بعد بلوغ المنسَكِ فالمشهورُ أنه يقعُ الموْقِعَ، ويأخذ صاحِبُ الضحية لَحْمَهاَ ويُفَرِّقُه.

وبناه الإمامُ وصاحبُ الكتابِ على أَنَّ التَّعْيِينَ السابِقَ هَلْ يُعْني عن النيةِ عند الذبح؟ إِن قُلْنا: نَعَمْ، وقع الموقع، وعلى صاحب الضحية بدلُها وما يأْخذُه من الأَرْشِ مِلْكٌ له. واحتج الأصحابُ بأنه يستحق الصَّرْفَ إَلى هذه الجهة، ولا يُشْتَرطُ فيه فِعْلَه كردِّ الودِيعةِ وبأن ذبحها لا يفتقر إلى النيَّةِ، فإذا أتى به غيرُه أَجْزَأَ كما (١) في إزالة النجاسَةِ، وهذا يُؤَيِّدُ قولَ مَنْ قَالَ: إِنَّ التعيِينَ السابِقَ يُغْني عن تجديد النيَّةِ.

وعن القَدِيم قولٌ: أنَّ لصاحِب الضحية أَنْ يجعلَها عن الفُضُولِيّ الذَّابح، وُيغَرِّمُه القيمةَ بتمامِها؛ بناءً على وقْفِ العُقُودِ.

وإذا قلنا بالظاهِر، وهو وقوعُ الضحية مَوْقِعَها فهل على الذابح أَرْشُ ما نقص بالذبح؟ [قال في الكتاب: "فيه وَجْهانِ"، وقال أكثرُ مَنْ نُقِلَ فيه الخلافُ قولان أَحدُهما وبه] (٢) قال أَبُو حنيفةَ: لاَ؛ لأنه لم يُفَوِّتْ عليه شيئاً مَقْصُوداً بل خَفَّفَ عنه مُؤْنَةَ الذبح.

وأَصحُّهما: وهو المنصُوصُ وما أورده المعظم: نَعَمْ؛ لأنَّ إراقَةَ الدمِ مقصودَةٌ وقد فوّتَها، وشُبِّهَ ذلك بما إذا شَدَّ قوائِمَ شاتِه، وأراد ذَبْحَها، فجاء آخرُ وذبحها بدُون إِذْنه -يلزمه أَرْشُ النقصانِ.

وعن أَقْضَى القُضَاةِ المَاوَرديّ أنه قال: عِنْدِي إِنْ ذَبَحَهَا وفي الوقْتِ سَعَةٌ فعليه الأرْشُ؛ لأنه لم يتعيَّنْ ذبحُه حقيقةً، وإن ضاق الوقْتُ ولم يبق إلا مَا يَسَعُ للذبح فذبحها -فلا أَرْشَ عليه؛ لِتَعَيُّنِ الوقْتِ، وإذا أوجبْنَا الأَرْشَ- ففيه وجوهٌ:

أَحدُها: أنه للمضحي (٣) لأنه ليس مِنْ عَيْن الأُضْحية حتى يستحقَّه المسَاكِينُ.


(١) في أ: كإزالة.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: ليس للمستحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>